إذا أتى شهر رمضان على مسلم وكان مريضاً مرضاً منعه من الصيام، ثم وافته المنية وذهب إلى ربه، فهل تجب على ورثته الكفارة أم ماذا؟
الجواب
لم يثبت شيء صريح في الموضوع، وإن كان هناك قوله عليه السلام في الصحيحين:(من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ، وقد ذهب إلى هذا الشافعية، فأوجبوا في مثل هذا السؤال على ولي المتوفى أن يصوم ما فاته من أيام رمضان بسبب مرضه، لكن الذي رجح عندنا ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله، وهذا الحديث الذي ذكرته آنفاً:(من مات وعليه صيام صام عنه وليه) - من رواته عبد الله بن عباس، وقد كان يفسر هذا الحديث بأنه محمول على صيام النذر، فمن نذر على نفسه صيام يوم أو أكثر ثم لم يفِ به؛ فهنا يأتي الحديث السابق:(صام عنه وليه) .
أما الصيام الذي فرضه الله عز وجل مباشرة على المسلمين تزكية وتطهيراً لهم، فهنا يرد المبدأ في الإسلام:{وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}[فاطر:١٨] .
أما إنسان فرض على نفسه فريضة ما فرضها الله عليه -من باب النذر- فهذا هو الذي يحمل عليه الحديث السابق:(من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ، وقد جاءت أحاديث صريحة في هذا أن امرأة سألت الرسول عليه الصلاة السلام أن أخاها مات وعليه صيام نذر، فقال عليه السلام:(صومي عنه أو صومي عنها) وهي أحاديث صريحة في السؤال والجواب عن صيام النذر؛ فحمله ابن عباس -وهو أحد رواة هذا الحديث كما قلنا- على صيام النذر.
وهذا الذي نراه والله أعلم.
السائل: إذا مات ولم يقض صوم رمضان، فهل يسقط عنه؟ لم يقل في السؤال: لم يقضه، وإنما مات في رمضان، أو هكذا أنا فهمته، والآن سوف نقسم السؤال السابق والجواب إلى شقين: الشق الأول: رجل مريض مات في رمضان وعليه أيام من رمضان، فعلى هذا ينصب كلامي السابق.
صورة أخرى: إنسان أفطر من رمضان أياماً وهو مريض، ثم شفي بعد ذلك وما قضى ما عليه وهو مستطيع، فهذا لا نقول بأنه يمكن لأحد أن يصوم عنه، هذا مثله كمثل الذي يفطر في رمضان عامداً متعمداً، مثله مثل من يدع الصلاة عامداً متعمداً، فهذا لا كفارة له مطلقاً، لكن المعذور، أي: الذي مات مريضاً لا يستطيع أن يقضي ما فاته من أيام رمضان، فهذا يجري عليه كلامنا السابق.
أما إنسان تعمد الإفطار في رمضان أو لم يتعمد، كأن كان مريضاً -وهذا عذر والله أعلم بنيته- ثم عوفي وشفي ومضت عليه أيام بل ربما شهر أو شهور ولم يقض، فهذا لا يقضى عنه إطلاقاً.