هذه الأناشيد تسمى اليوم بغير اسمها (أناشيد دينية) ، بينما لا يوجد في الإسلام أناشيد دينية، لكن يوجد في الإسلام شعر بلا شك! يقول الرسول عليه الصلاة والسلام في بعضه:(إن من الشعر لحكمة) ، أما أن نتغنى بأشعار ونسميها أناشيد، وأناشيد دينية، فهذا شيء لا يعرفه سلفنا الصالح إطلاقاً، وهذا في الواقع له علاقة بمبدأ كنا تحدثنا عنه قريباً في بعض جلساتنا هنا، وهو يتلخص باعتقاد ما يدندن حوله العلماء في مثل هذه المناسبة: وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.
فلم يكن من عادة السلف أن ينشدوا أناشيد ويسموها دينية، ولا سيما إذا اقترن بها بعض الآلات الموسيقية كالدف، وأنكر من ذلك أن نأتي بأذكار يقترن بها بعض الآلات الموسيقية -أيضاً- ونسميها (ذكراً) ، وليس هو من الذكر الإسلامي في شيء، خلاصة القول: ليس هناك أناشيد دينية، وإنما هناك أشعار لطيفة في معانيها، يجوز أن يتغنى بها إما انفراداً وإما في بعض الاجتماعات كالعرس، وكما جاء من حديث عائشة رضي الله عنها أنها أقبلت من عرس للأنصار، فسألها الرسول:(من أين؟ قالت: من عرس للأنصار، قال عليه الصلاة والسلام لها: هل غنيتم لهم؟ فإن الأنصار يحبون الغناء، قالت: ماذا نقول يا رسول الله؟! قال عليه الصلاة والسلام:
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
)
ولولا الحنطة السمراء لم تسمن عذاراكم
انظروا الشعر العربي النزيه، ليس فيه شيء من الكلام الذي لا يليق، فهو شعر، ولكن ليس شعراً دينياً، بل شعر ترويح عن النفس بكلام مباح، هذا هو الذي كان معروفاً في ذلك العهد.