للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

درجة حديث (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال)

السؤال

ما درجة حديث: (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال خرج كيوم ولدته أمه) ؟

الجواب

هذا من الأحاديث الصحيحة التي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحكام التي كاد الفقهاء أن يتفقوا عليها، ولكنهم -مع الأسف- لم يتفقوا، فقد جاء عن مالك رحمه الله أنه كان يكره صيام الست من شوال؛ فاحتج عليه الجمهور بهذا الحديث، وهو حجة -بلا شك- قاطعة، إلا أن بعض العلماء نقلوا عن الإمام مالك وجهاً لما ذهب إليه من كراهة صيام هذه الأيام الست، قال: لكي لا يعتقد الناس وجوبها لا سيما وهي متصلة برمضان، ولا يفرق بينها وبين صيام رمضان إلا يوم العيد، فخشية أن يتبادر إلى أذهان بعض الناس وجوب صيام هذه الست نهى الإمام مالك أو كره صيامها.

ومعنى كلام هؤلاء العلماء فيما نسبوا إلى مالك: أن مالكاً رحمه الله لا ينكر أصل مشروعية صيام هذه الأيام الست، فهو يلتقي مع جماهير العلماء الذين ذهبوا إلى استحبابها ولكنه يكره المثابرة على ذلك، فإن كل من صام رمضان ثم صام الستة الأيام، سوف يصبح صيام الست مع الزمن ولو البعيد كأنه من تمام صوم رمضان، هذا الذي خشيه مالك فذهب إلى الكراهة، ولا شك أن لمثل قوله وجاهة من حيث القواعد الأصولية الفقهية، وقد ذهب إلى مثلها بعض الحنفية في مثل اعتياد الإمام قراءة سورة السجدة وسورة الدهر في كل فجر جمعة، فنص فقهاء الحنفية على أنه ينبغي على الإمام أن يترك قراءة هاتين السورتين أحياناً؛ لكيلا يظن العامة بأن قراءة هاتين السورتين من الواجبات بل من أركان صلاة الصبح يوم الجمعة.

وهذا في الواقع -كما قلنا- من العلم الذي قل من يتنبه له، وفي بعض البلاد الإسلامية فعلاً قد يخشى -أو وقع في الخشية- أن يتوهم بعض العامة أن صيام ستة أيام من شوال هو أمر واجب؛ فحينئذ من الواجب على بعض العلماء ألا يلتزموا ذلك، مع تنبيههم في خطبهم ومواعظهم ودروسهم على أن هذا الصيام ليس من الأمور الواجبة، إنما هو من الأمور المستحبة.