[الأدلة النقلية على تحريم مخالفة هدي الكتاب والسنة]
نحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نبه إلى خطورة ذلك وحذر منه، ويكفينا في الدلالة على ذلك حديث عمر رضي الله عنه حينما كتب صحائف من التوراة فرآها عليه الصلاة والسلام فسأله عنها، فقال: إنه كان له صديق يهودي، وإنه نسخ منه بعض الصحائف من التوراة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، وقال:(أمتهوكون أنتم؟! كما تهوكت اليهود والنصارى! والذي نفسي بيده! لو كان موسى بن عمران حياً لما وسعه إلا أن يتبعني) فهو عليه الصلاة والسلام يعلن أنه لا هدي إلا الهدي الذي جاء به عن ربه، ولا يجوز لأحد أن يكون متبعاً وأن يكون إماماً وقدوة ومرضياً للاتباع ومأخوذاً عنه الهدي إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا يشير إلى أنه لا يجوز للمسلمين أن يأخذوا دينهم، ولا هدايتهم، ولا إرشادهم، ولا أخلاقهم، ولا كل شيء من الأشكال والتصورات والقيم والسلوك عن أي أمة أخرى، وما السبب في ذلك؟ السبب أن الله عز وجل أرسل إليهم الهدى كاملاً، واختصهم بالفضل عاماً شاملاً، فليسوا بحاجة إلى هدي آخر، وليسوا بحاجة إلى إرشاد قوم آخرين، فقد أخبرهم الله عز وجل بأنه أكمل لهم الدين، وأتم عليهم النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً}[المائدة:٣] فالذي يلجأ إلى غير طريق الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإنما يعتقد بطريق المفهوم أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم غير كافٍ، وأن هناك هدياً آخر وخيراً آخر يمكن أن يستمده لدى الأمم الأخرى، وهذا مؤداه الكفر، وأن كثيراً لا يفقهونه ولا يفهمونه.
فهذا النص وحده كافٍ في التحذير من اللجوء إلى طرائق الأمم الأخرى وهديها في أفكارها وعقائدها وأخلاقها وقيمها.