للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية التحقق من رؤية النبي في المنام]

السؤال

من رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام هل يكون رآه على حقيقته؟ وما يدريه أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريه أنه هو حيث لم يره في حياته؟

الجواب

إنه بعد أن يثبت أنه رأى الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام لا يكون هو في منامه متوهماً، وإنما هو على بصيرة بما يقول، فلا شك أنه رأى الرسول عليه الصلاة والسلام.

وسؤال السائل: ما يدريه وهو ما رأى الرسول في حياته؟ الجواب: إنه ليس كل من ادعى أنه رأى الرسول عليه الصلاة والسلام يقال: إنه رأى الرسول في المنام حقاً، وإنما إذا كانت الأوصاف التي رآها في المنام على الشخص الذي يدعي أنه رأى الرسول مطابقة لما ورد في كتب الحديث من شمائل الرسول؛ حينئذٍ نقول: رؤياه حق، أما إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأوصاف وشمائل تخالف الشمائل النبوية، فحينئذ يكون لم يرَ الرسول عليه الصلاة والسلام، فأظن أن السائل مستشكل أنه يسمع كل من رأى الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام فقد رآه حقاً.

لا، إنما فيها تفصيل، من رآه مطابقاً لأوصافه وشمائله فقد رآه، وإلا فلا، وعلى هذا التفصيل يجب أن نفهم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من رآني في المنام فقد رآني حقاً، فإن الشيطان لا يتمثل بي) بعد ذلك تسأل الرائي وتقول له: من فضلك، صف لنا الرسول عليه الصلاة والسلام؟ مثلاً كيف كانت لحيته؟ سيقول لك: بيضاء مثل القطن، فهذا ما رأى الرسول عليه السلام؛ لأن الرسول ما شاب.

وجاء في صحيح البخاري وغيره: (أنه كان في لحيته عشر شعرات أو إحدى عشرة شعرة بيضاء فقط) فإذا قال الرائي: أنا رأيت لحيته بيضاء بالمرة، نعرف يقيناً أنه ما رأى الرسول عليه الصلاة والسلام؛ وإلا فما فائدة قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث: (فإن الشيطان لا يتمثل بي) هل هذا الشيطان الذي أوهم الرائي في المنام أنه الرسول وأنه شايب؟ والرسول غير شايب، إذاً: ما تشبه بالرسول عليه السلام.

كذلك نسأله مثلاً: كيف رأيته، قاعداً أم ماشياً أم جالساً؟ فيجيب: رأيته ماشياً.

ونسأله: كيف مشيته؟ يقول: مشي رافعاً عنقه.

فهذا ليس هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لأن من شمائله وأوصافه أنه كان إذا مشى فكأنما ينصب من صبب عليه الصلاة والسلام، كان قوياً، وكان يسبق أقوى الرجال.

إلخ، فإذا كان الرائي يصف أوصاف الرسول عليه السلام التي رآها في شخصه في المنام، فطابقت أوصاف الرسول عليه الصلاة والسلام التي رواها أصحابه الكرام، فتكون الرؤيا حق، وإلا فلا.

ونستحضر بعض حالات للرائي: كل من ادعى بأنه رأى الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فإما أن يستطيع أن يصفه وأن يكون في ذهنه أوصاف الرسول عليه الصلاة والسلام، أو في ذهنه أنه هو فعلاً رأى الرسول عليه الصلاة والسلام، ويستطيع أن يصف أوصافه، أو ليس في ذهنه، كثير من الناس -وأنا منهم- يرى رؤيا، أي رؤيا، وفي الصباح تتبخر من ذهنه وكأنه ما رأى شيئاً، فأنا رأيت، لكن كيف؟ لا أدري، القضية ضائعة عليّ تماماً.

فإذاً: الرائي للرسول عليه السلام هو بين حالة من حالتين: الحالة الأولى: وفيها حالتان: إما أن يستطيع أن يصف، أو لا يستطيع أن يصف، إما بنسيان، أو ما رأى في الحقيقة الصورة واضحة، مثلاً: قيل له في المنام: هذا الشخص الماشي أمامك هو الرسول عليه السلام، أو الواقف أمامك، ولم يرَ وجهه -مثلاً- فإذا كان لا يستطيع أن يصف فلا نقدر أن نقول له: أصبت أو أخطأت، الله أعلم، هذه الحالة الأولى.

الحالة الثانية: يستطيع أن يصف؛ لأنه رآه فعلاً كما تقدم في التفصيل السابق، فإذا وصفه أوصافاً مطابقة لأوصافه عليه السلام، وما هو معروف في كتب الحديث والسنة؛ فهي رؤيا حق (فإنه رآني حقاً، فإن الشيطان لا يتمثل بي) وإذا جاءت الأوصاف مخالفة فهي -كما علمتم- ليست الرؤيا التي عناها الرسول عليه السلام.