للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قول ابن عباس: إن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الله]

السؤال

قلتم بأن الأشياء التوقيفية يؤخذ قول الصحابي فيها، قال ابن عباس: إن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الله، فما تقولون؟

الجواب

هذا الحديث عن ابن عباس فيه عدة روايات، ولذلك حكم علماء الحديث عليه بالاضطراب، في الرواية الأولى قال: رأى ربه، والثانية: رآه بقلبه، والثالثة: رآه بعينه، والرابعة: رآه فهذا الاضطراب هو الذي يمنع أن نحتج به وندخله في صلب أنه لا يقال بمجرد الرأي، أما المسألة المعروفة في الخلاف بين ابن عباس من جهة وبين السيدة عائشة من جهة أخرى، فقد صح عنها في حديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث مسروق أنه جاء إلى السيدة عائشة فقال لها: (يا أم المؤمنين! هل رأى محمدٌ ربه؟ قالت: لقد قف شعري لما قلته، قال: يا أم المؤمنين! أليس يقول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم:١٣] ؟ قالت: أنا أعلم الناس بذلك، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله ستمائة جناح، ثم قالت -وهذا الشاهد-: ثلاث من حدثكموهن فقد أعظم على الله الفرية: من حدثكم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله فرية، ثم تلت قول الله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} [الشورى:٥١] ومن حدثكم أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية، ثم تلت قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل:٦٥] ومن حدثكم أن محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً أمر بتبليغه فقد أعظم على الله فرية، ثم تلت قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:٦٧] ) فإذاً: قول ابن عباس لا ينطبق في الحالة السابقة عليه من ناحيتين: أولاً: أن المسألة سياسية بينه وبين السيدة عائشة، وهي كما قلنا من أعرف الناس فيما يتعلق بشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنها زوجته.

ثانياً: أن ابن عباس اضطربت الرواية عنه، ففي بعضها كما سمعتم أنه رآه بقلبه، وهذا ليس موضع اختلاف.