كل المسلمين يشتركون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم أن الله عز وجل حقيقة، وليس معناً قائماً في الذهن، يعني: هو له وجود خارج الكون وجود حقيقي، وليس هو معنى يتخيله الإنسان فكل موجود له صفات ولا شك وإلا فهذا يكون خيالاً، فالله عز وجل وجوده حقيقي وأزلي.
ما هي صفات هذا الموجود الأزلي؟ العقل قد يدرك شيئاً منها، ولكن لا يستطيع أن يستقصي الصفات كلها إلا بطريق النقل الذي هو عبارة عن الكتاب والسنة، فإذا جئنا إلى هذه النصوص التي وردت في الكتاب والسنة تصف هذا الموجود الحقيقي، وهو واجب الوجود سبحانه وتعالى بصفات، فكأن موقفنا تجاه تلك الصفات تأويلها وتعطيل معانيها، بقي وجود الله عز وجل وجود خيالي لا حقيقي؛ لأننا قلنا: إن الوجود الحقيقي له صفاته المناسبة له، فإذا جئنا إلى كل صفة فتأولناها بغير ما يدل عليه النص؛ حينئذٍ كأننا آمنا بوجود خيالي لا حقيقة له.
فكما قلنا آنفاً وأكرر وأقول: الله عز وجل وصف نفسه بصفات كثيرة، فهو يقول: يجيء، ويسمع، ويرى إلخ، فإذا قلنا: لا يسمع، لا يرى إلخ، معناها أننا ما وصفنا هذا الوجود الحقيقي الغائب عنا، وإن لم نصفه ما حكمنا بوجوده إلا حكماً ذهنياً.