هل يجوز للمحرم الامتشاط حسب الحديث التالي:(أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عائشة فقال: انقضي رأسك وامتشطي) ؟
الجواب
في الوقت الذي لا يوجد ما يمنع المحرم بالحج أو بالعمرة من أن يمتشط، فهذا الحديث يؤكد البراءة الأصلية، فيجيز للمحرم أن يمتشط؛ لأن الفكرة بالنسبة للحاج ليس كما يتوهمها الكثيرون، فهذا الحديث وهو قوله عليه السلام للسيدة عائشة:(انقضي رأسك وامتشطي) يؤيد البراءة الأصلية وهو جواز امتشاط المحرم، وليس المقصود بأن المحرم إذا تلبس بمناسك الحج أنه حرم عليه كل شيء، ليس الأمر بهذه التوسعة التي يتوسع فيها الكثير من المؤلفين والمقلدين، ولكن الواجب أن نقف عند حدود الشرع.
فمثلاً: الشارع الحكيم حرم على المحرم مطلقاً -ذكراً أو أنثى- أن يتطيب أثناء إحرامه، ولكن من السنة أن يتطيب الذي يريد الإحرام بين يدي الإحرام، يتطيب بالطيب الذي يفوح رائحته، فإذا أحرم بالحج أو العمرة شممت منه الرائحة الطيبة، فأجاز له الطيب بين يدي الحج، وحرم عليه الطيب أثناء الحج، إذاً: القضية ليس فيها هذا التضييق في أبعد معانيه كما يظن البعض.
مثال آخر: وهو ما يظن البعض أن الصائم لا يجوز له أن يتطيب، ماذا تلاحظون؟ تلاحظون أن الصائم حبس نفسه عن الطيبات، فمن الطيبات أن يشم الرائحة الطيبة، إذاً: لا يجوز شم الرائحة الطيبة، فهذا كلام ضعيف، لا يجوز الأكل والشرب ونحو ذلك مما هو منصوص عليه، أما أن تتطيب وأنت صائم فلا يوجد مانع، وأن تتسوك وأنت صائم لا يوجد مانع.
كذلك المحرم بالحج حرم عليه أشياء محدودة فنقف عندها، ولا نشدد على الناس أكثر مما جاء به النص، فالنص منع الرجل من أن يقص أظافره، ومن أن يأخذ من شعره ومن لحيته، كذلك المرأة لا يجوز لها أن تأخذ من شعرها إلا بعد أن تتحلل، لكن هذا المحرّم شيء وكونه مشط لحيته، أو قصر من شعره، فأخذ بعض الشعرات، فهذا ليس فيه ما يمنع شرعاً أبداً، وحديث عائشة يؤيد هذا الأصل، والذي أحرم بالحج لا يجوز له أن يتطيب، ولكن بين يدي الإحرام، قبل أن يقول: لبيك الله بعمرة، يجوز له أن يتطيب.