للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة وقوع المسخ في أمة الإسلام]

السؤال

أرجو بيان حكم الإسلام فيما نسمعه عن مسخ بعض الناس على صور حيوانات!

الجواب

أما الجواب عن السؤال الأول، ففي السؤال غموض؛ لأنه إن كان يعني (ببعض الناس) ما أخبر الله عز وجل في القرآن الكريم، أن الله تبارك وتعالى قال لليهود الذين عصوا أنبياءهم: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:٦٥] فلا مجال للسؤال عن هذا ما دام أنه جاء في النص القرآني.

أما إن كان يعني بذلك أنه سمع أن بعض الناس مسخوا، فأنا لا أعلم بشيء من هذا أنه وقع، وما نعلم أن أحداً مسخ إلا بخبر القرآن، ونعلم أنه سيقع مسخ في آخر الزمان، لكن متى يكون ذلك؟ الله أعلم.

كذلك إذا كان السؤال الأول يربطه بالإسلام، فالإسلام أخبر بأن المسخ وقع، وأخبر بأنه سيقع بالنسبة لبعض العصاة والفساق والفجار، ولعل السائل يشكل عليه ما قد يقرؤه في بعض التفاسير الحديثة، التي لا تجري في تفسيرها للآيات مجرى مذهب السلف الصالح، فهم يحكمون عقولهم في بعض النصوص القرآنية، التي يثقل عليهم تبني معانيها الظاهرة، مثل ما نحن فيه الآن من القول بالمسخ لليهود، فمع تصريح القرآن بذلك فهم تأولوا هذا المسخ بأنه مسخ خُلُقي وليس مسخاً بدنياً، أي: صارت أخلاقهم كأخلاق القردة!! ما الداعي إلى هذا التضييق للمسخ؟! فالذين يمسخون مسخاً حقيقياً قردة أو خنازير، بطبيعة الحال تصبح أخلاقهم أخلاق القردة والخنازير، فلماذا القول مسخوا من جهة ولم يمسخوا من جهة أخرى؟! والآيات التي جاءت في هذا الصدد مطلقة، فلا شيء يحملهم على تضييق دائرة المسخ إلا استبعادهم أن يستحق هؤلاء الكفار من اليهود قتلة الأنبياء ذلك المسخ.

فأقول: سبحان الله! هل هؤلاء هم الذين يحكمون على الله، ويضعون لهم منهاجاً لنسبة التعذيب، فلا يجوز لله أن يمسخ الذين يقتلون الأنبياء بغير حق قردة وخنازير! من الذي يحكم على الله بذلك؟!! فهذا تفسير أقل ما يقال فيه أنه تفسير مبتدع، وحديث لا يعرفه السلف الصالح فضلاً عن بعده عن اللغة العربية: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:٦٥] لا سيما والسنة -كما تعلمون- دائماً وأبداً تأتي لتوضح القرآن الكريم، ولترد على أهل البدع والأهواء، فقد جاء في صحيح مسلم: (إن الله عز وجل لم يمسخ قوماً فجعل لهم نسلاً، وإنما كانت القردة والخنازير قبل ذلك) وفي هذا رد على بعض القصص التي قد توجد في بعض كتب الرقائق والمواعظ ولا سند لها، من أن القرود الموجودة اليوم هي من سلالة اليهود الممسوخين قردة، وهذا لا أصل له؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث يعطينا فائدتين: الفائدة الأولى: يؤكد فيها المعنى الظاهر من الآية الكريمة، من أن المسخ مسخ حقيقي.

والفائدة الأخرى: أن الله عز وجل إذا مسخ قوماً أهلكهم، ولا يبقيهم يتناسلون، وهذا هو الذي يجب أن ندين الله به فيما يتعلق بقضية المسخ، كما أن المسخ كان وسيكون؛ لأنه جاء في ذلك بعض الأحاديث الصحيحة، ومن أشهرها حديث البخاري: (ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف، يمسون في لهو ولعب، ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير) .