للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلبةً، وقلبهُ قلبَة، وهلك هلكَةَ. وعلى فعالة، مثل: بغى بغاية. والأمر منه بكسر الألف، كما أن المضموم بضمِّ الألف. وذلك أنها جاءت لا حُكم لها، فأتبعتِ العينَ لقربها منها. والمفعل إذا أريد به الموضعُ مكسورٌ.

وهذا مذهبٌ يفرد به هذا الباب من بين أخواته، وذلك أنَّ المواضعَ والمصادر في غير هذا الباب ترَدُّ كلُّها إلى فتح العين. ولا تقع فيها الفروق. وإنما جاز ذلك اتساعاً في الكلام، وسهُل لسهولة الكسرة. ولم يكسر شيءٌ فيما سوى المكسور إلا في حروف معدودة في المضموم، وهي المسجد والمطلع والمنسِك والمسكن، والمَنبِت، والمفرِق، والمسقط، والمحشِر، والمشرِق، والمغرب، ومن المفتوح المجمع.

وقد جاءَ في بعضها الفتح أيضاً، قالوا: مسكن ومسكن، ومفرِق وَمفْرَق، ومَنسِك ومَنسَك، ومَطلِع ومَطْلَع. قالوا: الفتحُ في كلِّها جائز، وإن لم نسمعه.

ونرى أنه إنما جاءت هذه الحروف بالكسر أنها كانت في الأصل على لغتين، فبنيَتْ هذه الأسماءُ على إحداهما، ثم أُميتت تلك اللغة، وبقي ما بني عليها كهيئته.

والعرب قد تميتُ الشَّيءَ حتى يكونَ مُهملاً لا يجوز أن ينطق به؛ لأنه الصَّحيح من الكلام ما استعمل، وغيرَ الصحيح ما ترك أن يستعمل. ألا ترى أنهم قالوا: ينبغي، ثم لم يأت عنهم انبغى. فهو غيرُ مُطلقٍ أن ينطق به؛ لأنه ليس من كلام العرب. ولا ينبسُ به إلا القائس. وقال الأصمعيّ: يقالُ: أتيتُه أتيةً وأتوةً، قال: ولا نعلمُ أحداً يوثق بعربيَّتهِ يقول أتوتُه، إلا أن النحويِّين لما سمعوا أتوةً قاسوا، فقالوا: أتوتُه. على أنّ أبا ذُؤيب الهذليَّ قال إن صحّ ذلك عنه:

كنتُ إذا أَتوتْهُ من غَيْبِ

فهذا يبيَّن لك أنهم قد يقيسون من غير سماعٍ.

والعربُ تقول: أحزنني هذا الشَّيءُ: فإذا صاروا إلى المستقبل قالوا: يحزنني،

<<  <  ج: ص:  >  >>