والجواب عن هذا القول ودليله: أن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو من قول حذيفة فقد دخل حذيفة - رضي الله عنه - على مسجد الكوفة الكبير فوجد الناس فيه معتكفين فقال: من أمركم بهذا فقالوا: ابن مسعود وأبو موسى فذهب منكراً وقال: لابن مسعود أعتكاف في غير المساجد الثلاثة فقال ابن مسعود: لعلك أخطأت وأصابوا. ولعلك نسيت وتذكروا.
فأخذنا من هذه القصة أن رأي ابن مسعود وأبو موسى الأشعري جواز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة.
الراجح من هذه الثلاثة أقوال: المذهب.
- أولاً: لقوة ما استدلوا به.
- ولأنه مروي عن عدد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز الاعتكاف في غير مسجد الجمعة واشتراط مسجد الجماعة.
- ولأن حديثهم - أصحاب القول الثالث - ضعيف.
واجتهاد ابن مسعود لا شك أنه أحب إلينا من اجتهاد حذيفة مع علو وفضل كلاً منهما - رضي الله عنهما - إلا أن ابن مسعود من أعلم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
•
ثم قال - رحمه الله -:
إلاّ المرأة ففي كل مسجد.
يعني إلا المرأة فيجوز أن تعتكف في كل مسجد ولو في مسجد لا تقام فيه الصلوات الخمس.
ويقاس على المرأة: كل من لا تجب عليه صلاة الجماعة: كالمريض وسائر أصحاب الأعذار. فكل هؤلاء يجوز لهم أن يعتكفوا في غير مسجد جماعة.
لكن لابد في مسجد أيضاً. فيجوز لهم أن يعتكفوا في مسجد ولو كان هذا المسجد لا تقام فيه الجماعة لسبب أو لآخر.
• ثم قال - رحمه الله -:
سوى مسجد بيتها.
أي: فلا يجوز أن تعتكف فيه.
ومسجد البيت هو: المكان الذي خصصته المرأة للصلاة في بيتها.
فهذا المسجد لا يجوز أن تعتكف فيه لأمرين:
- الأول: أن المسجد عند الاطلاق ينصرف إلى المسجد المبني الذي تقام فيه الجماعة بنداء وإمام.
- الثاني: أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يعتكفن في المسجد ولو كان الاعتكاف في البيت جائز لاعتكفن في البيت لأنه أستر وأحفظ.
فبهذين الدليلين: تبين بلا شك أن المرأة لا يجوز لها أن تعتكف ببيتها وإنما تعتكف في المسجد.
• ثم قال - رحمه الله -: