لكنه في الحقيقة قول جيد جداً وقوي. وهو أن المقصود أهل مكة وأهل الحرم لأن الآن يوجد من أهل مكة من هو خارج الحرم ويوجد من أهل الحرم م هو خارج مكة، فهذا القول قول وجيه.
وإذا تأملت وجدت أن هذا القول يكاد يتوافق مع قول الحنابلة. لأن الحنابلة عندهم: أن الأمر يشمل كل الذين على مسافة قصر من مكة فسيشمل أهل الحرم الذين هم خارج مكة لأنهم وإن كانوا خارج مكة لأن ليس بينهم وبين مكة مسافة قصر، فهو قول يقرب من قول الحنابلة لكن بهذا التفصيل وهو أن يشمل الأمر أهل مكة وأهل الحرم، وهو تفصيل قوي وسديد.
إذاً أخذنا الشرط الأول من شروط وجوب الدم في التمتع.
الشرط الثاني: أن لا يسافر بين النسكين - وهو شرط لم يذكره المؤلف.
وهذا الشرط اتفق عليه المذاهب الأربعة.
لكن اختلفوا في حد السفر المسقط للدم، وسيأتينا الخلاف في هذه المسألة.
= القول الثاني: أن المتمتع يبقى متمتعاً ولو سافر. وإلى هذا ذهب الفقيه الحافظ ابن المنذر فرأى - رحمه الله - أن الإنسان ولو سافر ورجع إلى بلده فإن دم المتعة لا يسقط عنه ويبقى متمتعاً.
واستدل:
- بالعمومات. فإن من سافر يصدق عليه أنه أخذ العمرة والحج في سنة واحدة فهو متمتع ويصدق عليه أنه تمتع بين الإحرامين.
واستدل الجماهير: وهم الأئمة الأربعة وغيرهم كفقهاء التابعين وغيرهم من فقهاء المسلمين:
- بأثر عمر بن الخطاب أنه قال: (من تمتع بالعمرة إلى الحج إن بقي في مكة فهو من المتمتعين وإن سافر أو رجع فليس من المتمتعين) , فاستدل الجمهور بهذا الأثر عن عمر - رضي الله عنه - على أن السفر يقطع أحكام التمتع.
واستدلوا على ذلك:
- بتعليل: وهو أن المتعة إنما سميت بذلك لأنه يترفه بترك أحد السفرين في أداء النسك أي أنه يأتي بالنسكين في سفر واحد، وهذا لا يصدق على من سافر بين النسكين فاستدلوا بالعلة التي من أجلها وجب هذا الدم وهو دم شكران.
الراجح: من حيث الأصل مع الجمهور لاستدلالهم بهذا الأثر الصحيح عن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -.
نأتي إلى المسألة الثانية: الاختلاف في حد السفر المسقط لدم المتعة.
فاختلف الأئمة الأربعة في هذه المسألة على أقوال: