- النوع الثالث: أن لا يحكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة - رضي الله عنهم - وحينئذ نرجع إلى قول عدلين عارفين بصفات الصيد ليحكما بالمثل من النعم.
إذاً عرفنا الآن كيف نعرف المثل بالنسبة للصيد إذا صاده المحرم.
- قال - رحمه الله -:
وبجزاء صيد: بين مثل إن كان، أو تقويمه.
إذا قتل المحرم الصيد فنقول: أنت مخير:
- إما أن تخرج المثل.
- أو تقوم المثل - سيأتينا الخلاف في مسألة التقويم - فإذا قومت المثل فتشتري به طعاماً وتطعم المساكين لكل مسكين - على المذهب - مد أو تصوم بقدر هذه الأمداد أياماً.
في هذه المسائل خلاف سيأتينا لكن المقصود الآن أن يتصور الإنسان كيف يكون جزاء الصيد.
إذاً نقول: أنت مخير إذا عرفنا المثل فإما أن تخرج المثل - تذبح المثل - أو تقيم المثل وتشتري به طعاماً فتطعم كل مسكين مد أو تصوم بقدر هذه الأمداد، فإذا قدرنا أن قيمة المثل يستطيع أن يشتري بها صاعاً من طعام واختار الصيام فكم سيصوم؟
أربعة أيام. لأن الصاع أربعة أمداد.
إذاً الآن تصورنا، ونأتي إلى الخلاف الذي في تفصيل المسائل.
- قال - رحمه الله -:
وبجزاء صيد: بين مثل إن كان، أو تقويمه.
التقويم عند الحنابلة يكون للمثل لا للصيد.
واستدلوا على ذلك:
- بقوله تعالى: - (أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا) -[المائدة/٩٥] والإشارة في الآية إلى المثل لا إلى الصيد. فإذاً الحنابلة يرون أنه يقوم المثل.
= القول الثاني: أن التقييم يكون للصيد.
- لأنا إنما عدلنا إلى المثل بدل، فإذا سقط البدل رجعنا إلى الأصل والأصل الصيد.
والصواب مع الحنابلة: لظاهر الآية.
- ثم قال - رحمه الله -:
بدراهم يشتري بها طعاماً فيطعم كل مسكين مداً.
= الحنابلة: يرون أنه يطعم عن كل مسكين مدا إذا كان من البر، أو مدين إذا كان من غيره من الطعام، كما تقدم معنا في الصيام والزكاة.
= والقول الثاني: أنه يطعم كل مسكين نصف صاع.
واستدلوا:
- بأن ابن عباس - رضي الله عنه - هكذا حكم جعل في الطعام نصف صاع.
- واستدلوا أيضاً بالقياس على كفارة فدية الأذى وفيه حديث أبي بن كعب وهو صحيح وقد مر معنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (أو تطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع).