وإذا كان الراجح أنه يجوز للإنسان أن يبدأ بالصيام من بعد إحرامه بالعمرة فيصوم في اليوم السادس ولو لم يحرم وفي اليوم السابع ولو لم يحرم وفي اليوم الثامن وهو محرم، ويكون هذا القول هو أرجح الأقوال وهو أنه يستحب أن يبدأ في السادس ولو لم يحرم بل ربما نقول يستحب أن يصوم في اليوم السادس وأن لا يحرم إلا في اليوم الثامن لأن الظاهر من آثار الصحابة أنهم صنعوا كذلك لأن عدداً كبيراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرموا متمتعين وكثير منهم لم يكن واجداً للهدي فالظاهر من حالهم أنهم - رضي الله عنهم - أنهم صاموا في اليوم السادس والسابع والثامن، وعلى هذا يدل أثر ابن عمر وعائشة وغيرهما من الآثار المروية عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصيام يكون في اليوم السادس والسابع والثامن، فهذا القول هو الراجح.
وأما القول الذي ذكره شيخنا - رحمه الله - فالذي يظهر لي أنه ضعيف من جهتين:
- الجهة الأولى: أنه لا قائل بهذا القول فلا أعلم أن أحداً من الفقهاء قال باستحباب الصيام في أيام التشريق بل اختلفوا على القولين الذين ذكرتهما لك.
- الثاني: أنه يفهم من حديث عائشة أن صيام أيام التشريق رخصة وليس بعزيمة فهي تقول: (لم يرخص) والأصل في أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب وذكر لله، فكأنه رخص لبعض الصحابة الذين لم يصوموا في اليوم السادس والسابع والثامن أن يصوموا أيام التشريق وفرق بين أن نقول هذا رخصة وبين أن نقول أنه هو الأفضل.
وقد أشار شيخنا - رحمه الله - في الممتع إلى أنه يقول: إن قيل بهذا القول أو إن كان قيل بهذا القول فكأنه هو أيضا - رحمه الله - لم يمر عليه أحد قال بهذا القول.
وعلى كل حال الراجح هو القول الثاني وأن الأفضل صيام السادس والسابع والثامن لوجود الآثار الصحيحة الدالة على هذا الأمر ولأنه يفهم من حديث عائشة عدم استحباب الصيام.