وهذا القول الثاني هو القول الراجح إن شاء الله وهو الذي يسع العمل به ولو اشترطنا ما اشترط الحنابلة لدخل مشقة عظيمة على الناس.
- قال - رحمه الله -:
ويستلمه ويقبله.
الاستلام هو: المسح باليد. وظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - أنه يستحب الاستلام والتقبيل وأن الدرجة الأولى من مراتب استلام الحجر هو أن يجمع بين الاستلام وهو المسح باليد والتقبيل.
وإلى هذا ذهب كثير من أهل العلم أن السنة: الاستلام مع التقبيل.
ولكني بحثت في جميع الأحاديث بحثاً كثيراً فلم أجد أي حديث فيه الجمع بين الاستلام والتقبيل إلا في حديثين صريحين في سنية الجمع بينهما ولكن فيهما ضعف، أما الأحاديث الصحيحة الصريحة فهي تشير إلى الاستلام أو التقبيل.
- ففي حديث جابر - رضي الله عنه -: الاستلام بلا تقبيل.
- وفي حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قبل الحجر وقال لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك. وفيه التقبيل ولم يذكر الاستلام.
لذلك الأظهر والله أعلم أن:
- المرتبة الأولى: التقبيل بدون استلام. بحيث يضع الإنسان فمه على الحجر بلا إظهار صوت عند الحنابلة وإنما يضع شفتيه على الحجر وضعاً بدون تقبيل بصوت وينقلون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا صنع ولأن هذا فيه نوع من التأدب عند بيت الله وهذا بخلاف ما يصنعه كثير من الناس اليوم حيث يقبلون بطريقة تخالف هذه الطريقة.
إذاً الأقرب والله أعلم أن المرتبة الأولى: التقبيل بلا استلام. هكذا ظهر لي لأنه لا يوجد حديث يجمع بينهما. وهذه الأمور تعبدية.
- المرتبة الثانية: الاستلام مع تقبيل اليد. ودل على هذا: الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استلم الحجر بيده وقبل يده.
- ثم قال - رحمه الله -:
وإن شق قبّل يده.
(وإن شق) يعني: الاستلام مع التقبيل (قبل يده) تقدم معنا أنه إذا شق عليه فإنه يستلم الحجر يعني يمسح عليه ويقبل يده وأن هذا ثابت في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك.