ففي حديث ابن عمر النص على أن الرمل كان في قدومه. يعني: في طواف القدوم، وعلى أنه كان في الثلاثة الأشواط الأولى لأنه يقول (سعى ثلاثاً ومشى أربعاً) فالحديث نص في تخصيص طواف القدوم وتخصيص الأشواط الثلاثة فإذاً لا يشرع ولا يسن أن يستمر الإنسان في الرمل إلى نهاية الطواف.
* * مسألة / فإن لم يستطع أن يأتي بهذه السنة إلا بالابتعاد عن الكعبة:
= فمن الفقهاء من قال: القرب من الكعبة أولى من هذه السنة.
- لأن الطواف إنما كان حول الكعبة لتعظيم الكعبة. وكلما قرب الإنسان من الكعبة كان أولى في الإتيان بمعنى الطواف.
- كما استدلوا: بفتاوى لبعض التابعين. وليست بدليل. - الفتوى من التابعي ليست بدليل - لكن اعتاد أهل العلم أن يذكروا في سياق إثبات الحكم الفتاوى التي تأتي عن التابعين.
= والقول الثاني: أنه يأتي بالسنة ولو كان بعيداً عن الكعبة ولو أد الإتيان بالسنة إلى البعد عن الكعبة.
- للقاعدة المشهورة أن السنة المتعلقة بذات العبادة أولى ومقدمة على السنة التي تتعلق بمكان العبادة.
وهذا القول الثاني هو الصحيح.
-
ثم قال - رحمه الله -:
يستلم الحجر والركن اليماني كل مرة.
- ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستلم الحجر الأسود والحجر اليماني.
وهذا يدل بمفهومه أن الركنين الشاميين لا يشرع للإنسان أن يستلمهما.
وأطبق أهل العلم واستقر الأمر على هذا وهو أنه لا يستلم من البيت إلا الحجر الأسود والركن اليماني، إلا أن الركن اليماني يشرع الاستلام فيه دون التقبيل. لأنه لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه إلا الاستلام دون التقبيل، كذلك لا يشرع في الحجر اليماني الإشارة إذا لم يستطع الإنسان أن يستلم، وتبين من هذا أن مرتبة الحجر اليماني بالنسبة للاستلام والتقبيل وغيره مرتبة واحدة وهي الاستلام فقط فإن استطاع أن يستلم وإلا ينصرف.
والسنة: أنه إذا استلم الحجر اليماني يدعو فيقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، وهذا ثابت في حديث عطاء بن السائب - رضي الله عنه - وهو حديث صحيح ثابت.