هذا الحكم بالنسبة للطهارة الصغرى لا إشكال فيه مطلقاً. فإذا لم يكن الإنسان على طهارة بأن أحدث حدثاً أصغر فلا إشكال في صحة السعي مطلقاً، وفي القديم قبل أن يوسع الحرم هذه التوسعة لما كان المسعى خارج الحرم وكان الناس يخرجون من باب الحرم ويدخلون في باب المسعى في ذلك الوقت لا إشكال أيضاً في هذا الحكم وهو أن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر سنة، لكن الإشكال: والذي يحتاج إلى وقفة وتحرير وأنا أذكره الآن مذاكرة لأنها مسألة تحتاج إلى وقت أكبر: أن الفقهاء - رحمهم الله - يرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع الحائض من الطواف. ثم اختلفوا في ما هو السبب في المنع:
= فمن العلماء من قال: أن سبب المنع هو أنها ليست على طهارة وأن الطواف بذاته من شروطه الطهارة.
= ومن العلماء من قال: بل السبب في منع الحائض من الطواف هو أنه فقط أنه لا يجوز لها أن تدخل المسجد.
وإلى هذا القول الثاني ذهب شيخ الإسلام - رحمه الله - فإنه يرى أن سبب المنع هو تحريم دخول الحائض للمسجد والمنع من ذات الطواف لمن لم تكن طاهرة.
فإذا كان السبب في منع الحائض من الطواف هو دخول المسجد نأتي إلى البحث الآخر: هل المسعى الآن يعتبر ضمن حدود المسجد ودخل في حكم المسجد الآن من حيث الصلاة واتصال الصفوف ودخول الحائض ومن حيث جميع الأحكام أو إلى الآن لا يعتبر من المسجد؟ هذه المسألة أيضاً: الثانية محل خلاف:
= فمن الفقهاء المعاصرين من يرى أن المسعى إلى الآن لم يدخل المسجد فبناءً عليه يجوز للحائض أن تسعى ولا يأخذ أحكام المسجد فمن دخل إلى المسعى مباشرة لا يجب عليه أن يصلي تحية المسجد ويجوز للحائض التي يصلي أهلها في المسجد أن تمكث في المسعى، ويترتب على هذا أحكام كثيرة، والمهم أنه ليس من المسجد.
=والقول الثاني: أن المسعى الآن من المسجد. وأن الجدار الفاصل بين المسعى والسرحة الخلفية يدل على أن المسعى من ضمن حدود المسجد. كما أن التوسعة الخلفية للمسجد التي تلي المسعى دلت على أن المسعى دخل ضمن المسجد.