- - المسألة الثانية: إذا قلنا لا يجب عليه فهل يجب أن يبقى على حدود منى في أقرب مكان يمكن أن يجلس فيه ملاصقاً لمنى من أي جهة منها؟ أو يجوز له أن يذهب ثم يبيت في أي مكان من مكة. في هذا خلاف: ... ((الأذان)).
في هذه المسألة خلاف: والحاجة إليها ماسة:
= فالقول الأول: أنه له أن يذهب فيبيت في أي مكان شاء ولا يجب أن يبقى متصلاً بالحجاج الذين في منى.
واستدل هؤلاء:
- بأن الشارع إنما أوجب المبيت في منى. فإذا لم يتمكن الإنسان منها خرج إلى أي مكان. كما أن الإنسان الذي قطعت يده لا يجب عليه أن يغسل شيئاً آخر وإنما سقط عنه وجوب المبيت كما سقط عن ذاك غسل اليد.
= القول الثاني: أنه يجب وجوباً إذا لم يجد مكاناً في منى أن يجلس في أقرب مكان يمكن أن يجلس فيه متصلاً بالحجاج في منى.
واستدل هؤلاء:
- بأن الله سبحانه وتعالى أوجب الجلوس في منى فإذا لم يتمكن أتى بأقل الواجب وهو الجلوس متصلاً بأهلها كما أن من لم يجد مكاناً في المسجد لا نقول له لا تجب عليك صلاة الجماعة بل نقول يجب أن تصلي في المكان الذي تتصل فيه الصفوف.
وفي المسألة إشكال وبقيت أتأمل فيها وقتاً طويلاً في الحقيقة ففيها إشكال وفي النصوص تعارض، لكن سنأخذ ثلاث نقاط تساعد على الترجيح يلتمس الإنسان من خلالها الراجح في هذه المسألة:
ـ النقطة الأولى: أن المبيت في منى وجوبه وجوباً مخففاً. بدليل أن الإمام أحمد - رحمه الله - عنه رواية أن ترك المبيت لا شيء فيه. بينما لم يختلف قوله أن ترك الرمي كله أن فيه دم، وقرر شيخ الإسلام أن هذا مذهب أحمد وهو أن الوجوب وجوب مخفف والأدلة الدالة على هذا ولا إشكال في أن المبيت وجوبه مخفف، فهؤلاء الرعاة يتركون المبيت جملة لكن الرمي لا يتركونه وإنما يرمون في يوم عن يومين، فإذاً لا إشكال أن المبيت وجوبه وجوب مخفف.