للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالذي يظهر لي أن هذه المسألة التي هي من مفردات الحنابلة ضعيفة وإن كان تقدم معنا مراراً أن مفردات الحنابلة في الغالب قوية لأن الإمام أحمد - رحمه الله - لا ينفرد عن الأئمة إلا وقد اعتمد على نص صحيح. لكن في هذه المسألة يظهر لي أنه فيه ضعف بل ضعفه واضح لأنه لا فائدة من تحريق المتاع، فإن أراد الإمام أن يعزر بأخذ المال فهو جائز. وجائز بالإجماع لأن للإمام أن يعزر بما شاء من حبس وضرب وأخذ للمال، لكن أن يحرق المتاع ولا سيما أنهم في الحرب وأثناء المعركة فأرى أن هذا القول فيه ضعف واضح ويؤيد أو يقوي هذا الضعف مصادمته للنصوص الصحيحة التي فيها الغلول وليس فيها التحريق.

ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - ما يستثنى على مذهب الحنابلة:

- فقال - رحمه الله -:

إلا السلاح.

فإنه لا يجوز أن يحرق ولا أن يدخل في النار.

- لأن السلاح يحتاج إليه في الحرب فلا يجوز أن نحرق سلاح المقاتل بل يؤخذ منه ويدفع لغيره أو يبقى معه ليجاهد هو به في سبيل الله.

- ثم قال - رحمه الله -:

والمصحف.

كذلك لا يجوز أن يحرق المصحف.

- لما له من حرمة.

- ثم قال - رحمه الله -:

وما فيه روح.

لا يجوز تحريق ما فيه روح إذا افترضنا أن من متاع الغال شيء فيه روح فإنه لا يجوز أن يحرق.

لوجهين:

- الوجه الأول: أن الحيوان له حرمة. فأي حيوان مأكول له حرمة. ولذلك نهى الشارع عن تعذيب الذبيحة وعن إيذاء الحيوان وما ذلك إلا لأن له حرمة.

- والوجه الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التعذيب بالنار وقال: (لا يعذب بالنار إلا رب النار).

إذاً: السلاح والمصحف والحيوان - يعني: وكل ما فيه روح: فلا يجوز أن يحرق على القول بالتحريق.

يضاف إلى هذا إلى ما لا يجوز أن يحرق:

- النفقة.

- وكتب أهل العلم.

- وثيابه التي عليه. فإنه لا يجوز أن يترك عرياناً.

ولعل المؤلف - رحمه الله - لم يذكرها لأنه معلوم: فالثياب لا يجوز أن يبقى عرياناً والنفقة ليرجع إلى أهله وكتب أهل العلم لحرمتها على كل حال صارت الآن المستثنيات ستة أمور.

- ثم قال - رحمه الله -:

<<  <  ج: ص:  >  >>