لما ذكر المؤلف - رحمه الله - هذا الشرط وذكرنا الآن دليل هذا الشرط وأن العقد لا يصح إلا بتوفر أهلية العاقد ذكر ما يشبه الاستثناء:
- فقال - رحمه الله -:
- فلا يصح تصرف صبي وسفيه: بغير إذن ولي.
تصرف الصبي والسفيه: معلوم أنه لا يصح من الشرط الأساسي وإنما أعاده المؤلف - رحمه الله - ليبين أنه يستثنى بحكم وهو: جواز تصرف الصبي والسفيه بشرط: إذن الولي. وهذا الحكم خاص بالصبي والسفيه. فالمجنون: لا يجوز أن يعقد ولو أذن له الولي. فإنه ليس بأهل للعقود. إذاً: يستثنى من هذا الشرط الصبي والسفيه إذا أذن لهما الولي.
والدليل على أنه يستثنى إذن الولي:
- قوله تعالى: - (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى ... ) -[النساء/٦] وابتلاء اليتامى لا يكون إلا بتمكينهم من إجراء بعض العقود لينظر هل يحسنوا العقد أو لا؟ فدلت الآية على أن لولي الصبي والسفيه أن يأذن لهما بإجراء العقود.
ويشترط في إذن الولي شرطان:
- الأول: أن لا يأذن لهما إلا بما فيه مصلحة. فإن أذن لهما بما لا مصلحة فيه فإذنه باطل والعقد باطل.
- والثاني: أن يأذن لهما إذناًً مقيداً لا مطلقاً بأن يأذن لهما بإجراء عقد أو أكثر من عقد لكنها معلومة معينة مقيدة أما الإذن المطلق فهو ينتنافى مع اشتراط أهلية العاقد.
* * مسألة / فإذا أذن لهما الولي فإنه يجوز إجراء العقد من قبل الصبي في الكثير والقليل. لو يأذن لهما ببيع - مهما كان من الأعيان - الباهضة في الثمن فالعقد صحيح ما دام أنه جرى بإذن الولي. لأنا نفترض أن الولي لن يأذن إلا بما فيه مصلحة للصبي.
* * مسألة/ وإذا أذن الولي للصبي فللصبي أن يباشر العقد ولا يشترط أن يباشر العقد الولي.
* * مسألة/ الصبي والسفيه: لا يجوز لهما إجراء العقود بلا إذن الأولياء إلا فيما كان يسيراً فإذا كان الشيء الذي يباع أو يشترى شيئاً يسيراً فإنه يصح العقد.
والدليل على ذلك:
- أن صبيان الصحابة والناس ما زالوا يبيعون ويشترون فيما خف وسهل من الأمور. فدل هذا على أن الشارع أجاز مثل هذه الأمور إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة منع الصبيان من إجراء العقود التي جرى العرف بها مما هو يسير.