= والقول الثاني: أن المشتري إذا اشترى عن طريق الوصف بلا رؤية فإن له الخيار بعد الرؤية ولو كان الوصف مطابقاً للسلعة. ... وإلى هذا ذهب الأحناف.
والأقرب للصواب - والله تعالى أعلم - مذهب الجمهور. لأن الغرض من تصحيح البيع بالوصف أن لا يثبت للمشتري الخيار إذا طابقت السلعة الأوصاف. وإذا جعلنا له الخيار فأي فائدة في الوصف.
إذاً نقول يشترط الرؤية ونرجع إلى مسألة: هل يشترط الرؤية أو الوصف؟ المهم نقول: إن شاء الله أن الأقرب أنه إذا رأى السلعة فإنه لا خيار له ما دامت الأوصاف مطابقة لما اتفق عليه في العقد.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولا يباع حمل في بطن ولبن في ضرع منفردين.
ـ لا يباع حمل في بطن: فإذا قال البائع للمشتري: بعت عليك هذا الحمل الذي في بطن هذه الفرس وعين الفرس وأشار إلى الحمل الموجود في بطن الفرس: فإن البيع باطل: بالإجماع. لعدة أمور:
- الأمر الأول: أن هذا الحمل غير مقدور على تسليمه.
- والأمر الثاني: أن الحمل في البطن مجهول الوصف والحياة فهو مغرق في الجهالة.
- والأمر الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الملاقيح والمضامين.
والملاقيح: ما في البطون. والمضامين: مافي أصلاب الفحول.
وهذا الحديث فيه ضعف لكن تشهد له النصوص العامة. وتشهد مقاصد الشريعة.
إذاً دل على بطلان بيع الحمل: الإجماع والنص الضعيف والاعتبار الصحيح.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولبن في ضرع.
اللبن في الضرع لا يجوز أن يباع. فإن بيع فالعقد باطل.
والدليل على هذا أيضاً من أوجه:
- الوجه الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيه الصوف على الظهر واللبن في الضرع.
وهذا الحديث روي مرفوعاً وموقوفاً ومرسلاً. والصواب من هذه الأوجه أنه صحيح موقوفاً على ابن عباس وثابت وصحيح ثابت مرسلاً عن عكرمة وضعيف مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وتقدم معنا مراراً: أن الحديث المرسل الذي صح إلى قائله وتأيد بفتاوي الصحابة الثابتة وبأصول الشرع أنه يصلح للاحتجاج. فهذا الحديث ينطبق على القاعدة التي تكررت معنا مراراً: وأن شيخ الإسلام يرى أن الأئمة الأربعة يحتجون بمثل هذه المراسيل.