ولو أن الفقهاء - رحمهم الله - جعلوا هذا الشرط شرطاً واحداً فقالوا: يشترط معرفة السلعة والثمن. كان أوضح. لكن هم - رحمهم الله - رأوا التفصيل لزيادة التوضيح وللتأكيد على كل شرط بحد ذاته ليعلم أن الثمن لابد أن يعرف والسلعة لابد أن تعرف.
إذاً: لا نحتاج إلى إعادة الكلام فيما يتعلق بكيفية معرفة الثمن لأنه يكون بالرؤية والوصف على ما تقدم.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فإن باعه برقمه.
المرقوم هو: المكتوب.
يعني: فإن باع السلعة بثمنها المكتوب عليها. ومقصود الفقهاء: يعني وجهلاه.
أما الثمن المكتوب عليه والذي قرأ وعرف فهذا غير داخل في مسألتنا.
إذاً: هم يريدون المرقوم الذي جهله البائع والمشتري. فهذا لا يجوز العقد عليه: لأن الثمن مجهول. ومعرفة الثمن شرط لصحة العقد.
صورة المسألة: أن يقول زيد لعمرو: بعت عليك هذه السيارة فيقول: عمرو بكم؟ فيقول: بالسعر المكتوب عليها وهو لا يعرف السعر المكتوب عليها. بأن تكون السيارة غائبة أو بعيدة أو مستترة.
فهذه الصورة لا تجوز.
= القول الثاني: أن بيع الشيء بسعره المرقوم عليه جائز.
- لأنه إن لم يعرف الآن عرف إذا رأي الرقم.
وإلى ذهب شيخ الإسلام بن تيمية وهو رواية عن الإمام أحمد.
والأقرب والله أعلم: المنع. لأنه تقدم معنا مراراً أنه لابد من معرفة السعر ومعرفة المبيع في الحال لا في المآل لأن الشقاق إنما يحصل عند المعرفة بعد مجلس العقد.
فلابد قبل أن يتم العقد أن يعرف الثمن ولا نكتفي بقوله: بسعرها المكتوب عليها. بل إني أقول: أنه غالباً لا يقول البائع مثل هذا اللفظ يعني: ولا يصرح بالسعر إلا ويريد إخفاء شيء على المشتري وإلا لو كان الأمر على ظاهره لقال: بكذا ولم يقل: بالمكتوب عليه.
وعلى كل حال: الأمر سهل ومذهب الحنابلة أوضح. نقول: إذا أردت أن تبيع فصرح بالثمن ولا تقول بالمكتوب ولو كان المكتوب سيتضح عند الوصول إلى السيارة أو إلى السلعة أياً كانت فنقول: صرح بالمكتوب بسعره في مجلس العقد ليدخل البائع على بينة وليكون أيضاً المشتري على بينة.
فالصواب إن شاء الله مع الحنابلة وأنه لا يجوز البيع بالرقم إلا أن يعلم للمشتري والبائع.
وغالباً سيكون معلوماً للبائع والجاهل هو المشتري.