للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذاً: هذه الصورة داخلة في المعنى المقصود من النهي ولا يجوز - بناء عليه - أن يعقد البيع.

* * مسألة/ إذا كان أحد العاقدين ممن تلزمه الجمعة والآخر لا تلزمه الجمعة.

فهذه الصورة فيها خلاف بين العلماء - رحمهم الله -:

= منهم من قال: أن هذا العقد يحرم على من تلزمه الجمعة، ويكره فقط على من لا تلزمه الجمعة، فإذا قدرنا أن امرأة تملك أرضاً وعقدت البيع مع رجل تلزمه الجمعة فإنه يحرم على الرجل أن يعقد البيع، وأما بالنسبة للمرأة: فيكره فقط.

= والقول الثاني: أنه يحرم عقد مثل هذا البيع: - على من تلزمه. - وعلى الطرف الآخر الذي لا تلزمه. فالجميع وقع في المحرم.

- لقوله تعالى: - (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ .. ) -[المائدة/٢].

وهذا القول الثاني: هو الصواب إن شاء الله، لأنه كيف نسوغ لمن لا تلزمه الجمعة أن يكون سبباً في ضياع الجمعة على من تلزمه، إذاً: الصواب أنه محرم على الطرفين.

- ثم قال - رحمه الله -:

- ويصح النكاح وسائر العقود.

أي: أن المحرم فقط هو عقد البيع، أما ما عداه من العقود فإنها لا تحرم.

واستدل الحنابلة على هذا بدليلين:

- الدليل الأول: أن الله تعالى نص على البيع. - (وَذَرُوا الْبَيْعَ .. ) -[الجمعة/٩] فما عدا البيع لا يدخل في النهي.

- الدليل الثاني: أن البيوع هي التي تكثر ويكثر الانشغال بها عن الجمعة بخلاف النكاح فإنه نادراً ما يقع ولا يؤدي تجويزه إلى الانشغال عن الجمعة.

= والقول الثاني - في هذه المسألة -: أن جميع العقود سواء كانت عقود تبرعات أو معاوضات بل جميع الأعمال حتى المباحات لا تجوز إذا أدت إلى ضياع الجمعة أو إلى تفويت سماع الخطبة، وهي محرمة.

وهذا القول هو القول الصواب، كيف نمنع الإنسان أن يشتري قلماً بريال ونجوز له أن يعقد النكاح على امرأة بمائة ألف؟

وكيف نمنعه أن يشتري قلماً مع أن هذا الشراء لا يشغل الذهن ولا يحتاج إلى تأمل ونجيز له أن يعقد النكاح الذي يشغل الذهن أكثر بأضعاف مضاعفة من شراء هذه السلع اليسيرة؟ فلا شك أن الشارع لا يأتي بمثل هذا وأن الشرع لا يفرق بين مثل هذه المسائل، فمذهب الحنابلة في هذه المسألة ضعيف.

-

ثم قال - رحمه الله -:

<<  <  ج: ص:  >  >>