- والدليل الثاني على حمل هذا الحديث على هذا المعنى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا. وإذا أردت أن تطبق هذا الحديث على صور المعاملات فإنه لا ينطبق إلا على العينة، فإذا باع الإنسان بيعتين النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن له أوكسهما أو الربا. أوكسهما: يعني: أقلهما. والمقصود بأقلهما هنا: رأس المال. فإذا باع سيارة بنقد بعشرة آلاف واشتراها نسيئة بعشرين ألف فأيهما الأوكس والأقل؟ النقد وهو العشرة آلاف. وهو رأس المال.
وإذا أردت أن تطبق هذا الحديث على صور المعاملات المنهي عنها فستجد أنها تنطبق تماماً على العينة فهي التي فيها ثمنين أحدهما أكثر من الآخر وهي التي إذا لم يأخذ الأقل وقع في هذه الصورة في الربا. وقع في المعاملة هذه في الربا.
إذاً: لحمل هذا الحديث على خلاف ظاهره نحتاج إلى أشياء قوية تخرجنا عن ظاهر نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شرطين. والإمام أحمد - رحمه الله - يقول: هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شرطين. نص صريح وواضح وصحيح ولذلك نحتاج للخروج عن هذا الظاهر هذه الأدلة التي انتصر لها ابن القيم - رحمه الله - بالذات وشيخ الإسلام - رحمه الله - أيضاً لكن ابن القيم - رحمه الله - هو الذي أطال فيها وبين أن معنى النهي عن شرطين الذي لا ينطبق إلا عليه هو العينة بدلالة هذين الأمرين.
أن الشرط يطلق على العقد وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: فله أوكسهما أو الربا وهذه الصورة لا تنطبق إلا على صورة العينة.
والراجح والله أعلم: القول الثاني وهو: أنه يجوز أن يبيع الإنسان بشرط وبشرطين وبثلاثة. في القسم الأول والثاني والثالث.
أولاً: لأن هذا الحديث وإن كان حديثاً صحيحاً إلا أنه يتعين حمله على هذا المعنى جمعاً بين النصوص والآثار. ولأنه لا يعلم علة واضحة معقولة للنهي عن شرطين وإجازة شرط لا سيما أنا نجيز الشرطين في القسم الثاني بالإجماع ولا فرق بين القسم الثاني والقسم الثالث.