إذاً كل واحد من هذه السنن الثلاث ثابتة في الصحيح لكن ظاهر كلام الحنابلة أن الجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أو يعاود الوطء يستحب له في الجميعأن يغسل فرجه وأن يتوضأ بينما تقدم معنا أن الحديث الذي فيه غسل الفرج - حديث عائشة في الصحيحين - إنما نص على غسل الفرج في حال واحدة وهي إذا أراد أن ينام فقط.
ولذلك نقول أن غسل الفرج سنة عند النوم دون الاكل ومعاودة الوطء.
لأن الحديث إنما هو فقط في مسألة النوم. وكما مر معنا أن السنن تحتاج إلى دليل لإثباتها ولا دليل على مسألة غسل الفرج لإعادة الوطء أو الأكل خلافاً للحنابلة.
هذه مسألة.
المسألة الثانية:
صرح الحنابلة أن الجنب إذا أراد أن ينام فإنه يستحب له أن يتوضأ فإن ترك الوضوء كره له ترك الوضوء.
- وأريد أن أبين شيئاً: أن الأمور المستحبة لا يقال لتركها مكروه - فإذا لم يجب الإنسان المؤذن فهل نقول أنك فعلت مكروه أو نقول أنك تركت سنة. بدون فعل مكروه.
في هذه المسألة بالذات الحنابلة يقولون: الوضوء للنوم سنة لكن ان تركه فقد فعل مكروهاً.
وإن تركه في الأكل والمعاودة قالوا: إن تركه في ذلك فإنه قد ترك سنة ولا يكره.
إذاً الكراهة تختص بالنوم.
إذاً مذهب الحنابلة في النوم أنه إذا أن ينام الجنب فيستحب له أن يتوضأ.
وهذه المسألة مهمة وحاجة الناس إليها كثيرة ولذلك نذكر الخلاف في حكم النوم بلا وضوء.
القول الأول: وهو مذهب الحنابلة أن النوم بلا وضوء مكروه - مايقال مباح - جائز لكن مكروه.
الدليل: قالوا نحمل الأحاديث الواردة على الندب - حديث عائشة في الصحيحين أنه كان إذا أن ينام توضأ - فيحمل على الندب.
وحديثها الآخر إذا أراد أن ينام أو يأكل توضأ - يحمل الندب.
وهذا القول هو مذهب الجماهير.
القول الثاني أن الوضوء للنوم واجب فإذا نام جنباً بلا وضوء فهو آثم.
وهذا القول منسوب إلى الامام مالك في رواية أما مذهبه فهو سنة واختار هذه الرواية من المالكية ابن حبيب - وهو من كبار علماء المالكية.
واستدلوا بحديث عمر ابن الخطاب أنه سأل النبي ‘ أينام أحدنا وهو جنب فقال النبي ‘ نعم إذا توضأ.
وإذا أداة شرط وهي تعني أنه إذا لم يتحقق المشروط لم يجز الفعل.