وإذا تأملت وجدت أن قولهم قوي جداً وأنه لا معنى لإثبات الخيار بين الفسخ والرد للبائع في مثل هذه الصور لأنه رضي بالأكثر فكيف لا يرضى بالأقل.
= القول الثالث: أنه يثبت الخيار للمشتري مطلقاً.
- لأن المشتري يخشى أن البائع كما خان في الثمن الأول يخون في الثمن الثاني.
- ولأن المشتري قد يكون له غرض في الثمن الأول الذي تبين أنه ليس بصحيح. فيثبت له الخيار.
من أمثلة أن يكون له غرض في الثمن الأكثر أن يكون المشتري قد حلف أن يشتري هذه السلعة بهذا الثمن فهو لا يخرج من يمينه إلا إذا اشتراها بالثمن الأول، فالذي يحقق غرض المشتري هو الثمن الأكثر في مثال المرابحة.
الراجح: الراجح هو المذهب، وأنه لا يثبت الخيار، بل له فقط أن يحط بمقدار الزيادة، إلا إذا تبين أن هناك سبباً يقتصي ثبوت الخيار كالأمثلة المذكورة في القول الثاني.
إذاً نقول الأصل أنه لا يثبت الخيار إلا إذا وجد ما يدعو إلى إثبات الخيار فحينئذ نثبت الخيار، وإلا من حيث الأصل أنه لا خيار، ومذهب الحنابلة وجيه جداًومتوافق مع المنطق وقل أن يكون للمشتري غرض بأن يشتري بأكثر من السعر الذي حصل له بعد اكتشاف خيانة البائع، فهذا قل أن يقع، والحكم في الشرع للغالب لا للنادر، فنحن نقول: الراجح أنه لا خيار والبيع لازم وإنما يحط له من القيمة بمقدار ما زاد البائع.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن اشتراه بثمن مؤجل.
يعني: وإن اشترى البائع هذه السلعة بثمن مؤجل ولم يبين للمشتري أنه اشترى هذه السلعة بهذا الثمن لكن مؤجلاً، فإنه يثبت للمشتري الخيار بين الإمساك والرد، وهذا عند المؤلف - رحمه الله -.
مثال ذلك: إذا اشترى زيد سلعة (سيارة) بمائة ألف أقساط ثم ذهب يبيع هذه السيارة تولية، و ... للمشتري الجديد أنه اشترى هذه السيارة بمائة ألف وأنه سيبيع عليه بمثل ما اشترى به يعني تولية، فيقوم المشتري ويدفع مائة ألف ثم يتبين بعد ذلك أنه اشترى هذه السيارة بثمن مؤجل، فعند المؤلف - رحمه الله - للمشتري الثاني الخيار بين الفسخ والرد لأنه تبين أن البائع غشه بإخبار الثمن من حيث الصفة لا من حيث المقدار.