وعلى هذا القول يتعدى الحكم إلى كل ما هو أو ما اعتبر أو ما اتخذ ثمناً للأشياء، فيدخل الأوراق النقدية والفلوس وكل ما اتخذ ثمناً للأشياء.
واستدل هؤلاء بأمرين:
- الأمر الأول: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما ذكر الذهب والفضة لأنهما أثمان الأشياء.
- والأمر الثاني: أن المعنى يدل على هذا القول لأنه يجب أن تكون أثمان الأشياء ثابتة القيمة لا تباع ولا تشترى ولا تزيد ولا تنقص لأنه بها تعرف قيم الأشياء، فإذا كانت تزيد وتنقص لم يمكن أن نعرف أقيام الأشياء.
مثال موضح: لو أن الريال صار يباع ويشترى فتارة بريالين وتارة بثلاثة وتارة بريال ثم قيل: كم قيمة هذا البيت؟ أو كم قيمة هذا الإناء؟ مثلاً: فقيل: بريال فهنا يحصل إشكال: ماذا تقصد بريال: الريال الذي قيمته ريالين أو الريال الذي قيمته ثلاثة أو الريال الذي قيمته ريال. فيختل ميزان قيم الأشياء، فدل ذلك على أن كل ما هو ثمن للأشياء يجب أن تبقى قيمته ثابتة.
وفي الحقيقة هذا الدليل هو الدليل المعول عليه في رجحان القول الثالث.
وعلى هذا القول الثالث تدخل معنا الأوراق النقدية والفلوس وكل ما وضع ثمناً للأشياء.
وعلى هذا القول الثالث العمل في باب الربا وفي باب الزكاة، لأنه إذا قيل أن الأوراق النقدية لا تدخل في الأموال الربوية فإنها كذلك لا تجب فيها الزكاة لأن الزكاة والربا كلاهما معلق بمسمى الذهب والفضة وهذه الثمرة تدل على ضعف قول الشافعية بأن الذهب والفضة يجري فيهما لذات معدنها.
الخلاصة: أن الراجح إن شاء الله هو القول الأخير وكما قلت عليه العمل وتدل عليه المعاني العامة في الشريعة.
ولا يخفى عليكم أن الصنفان الأولان: الذهب والفضة من الموزونات والأربعة المكيلات.
ثانياً: علة الربا في الأنصاف الأربعة.
اختلف الفقهاء في علة الربا في الأصناف الأربعة:
= فذهب الحنابلة والأحناف أيضاً إلى أن علة الربا الكيل فقط ولا يشترط معه أن يكون مطعوماً فكل مكيل فيه الربا سواء كان مطعوماً كالبر والشعير أو ليس بمطعوم كالأشنان، فكل مكيل فهو يجري فيه الربا فلا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلاً.
واستدل هؤلاء: وهم الحنابلة والأحناف.