وأقوى الأقوال: القول الثالث والرابع، أن العلة: إما أن تكون الطعم مع الكيل أو الوزن أو تكون الطعم مع أن يتخذ قوتاً، وإن كان القول الأخير أظهر فيما يبدو لي، لأن الأعيان المذكورة في الحديث تجمع هذه الصفات وإذا كانت العلة خفية العلة من أجلها جعل الشارع هذه الأموال ربوية ليست ظاهرة ظهوراً بيناً فالواجب أن نأخذ جميع الصفات الموجودة ومن أبرز الصفات الموجودة في المطعومات الأربع أنها قوت للناس يقتاتون فاعتبار هذا الوصف في الحقيقة جيد وسليم ولو كان فيه قول يقول أن العلة هي الطعم مع الكيل والوزن والقوت لكان قولاً قوياً جداً لكني لم أقف على أحد صرح بأن العلة مرتبة من جميع صفات الأموال الأربع لكن لو قيل به لكان قولاً وجيهاً جداً ورجحانه بين في ذلك.
وعلى طريقة شيخ الإسلام الذي يقول: يجوز أن نأخذ بعض هذا القول وبعض هذا القول ولا نكون بذلك خرجنا عن الأقوال يكون هذا القول الخامس هو الراجح.
وبهذا نضيق نطاق الربا تماماً لأنه لا يوجد الربا إلا حيث توجد جميع الصفات وبهذا يستطيع طالب العلم الآن أن يعرف ما هي الأموال الربوية في تطبيق العلة أياً كانت العلة على الأموال الموجودة في تعاملات الناس فيعرف هل هي من الربا أو ليست من الربا.
فإذا قيل لك: هل يجوز بيع النحاس بالنحاس متفاضلاً؟
فستقول: - أما عند الحنابلة فلا لأن العلة عندهم هي الوزن.
- وأما على القول الراجح: فنعم. لأن العلة هي الثمنية وليست موجودة في النحاس.
إذاً هكذا يستطيع الإنسان أن يطبق العلل.
-
ثم قال – رحمه الله -:
- يحرم ربا الفضل في مكيل وموزون بيع بجنسه.
سيبين المؤلف – رحمه الله – ما مقصود الفقهاء بقولهم:(بجنسه) لكن الذي يعنينا الآن أنه إذا بيع ربوي بجنسه فإنه يحرم التفاضل فلا يجوز أن نبيع كيلو ذهب بكليوين، ولا كيلو فضة بكيلوين، وهكذا. ولا يجوز أن نبيع صاع بصاعين ولا صاع بر بصاعين وإنما يحب أن نبيع صاعاً بصاع وهو المقصود بالتساوي.
والدليل على ذلك: ما تقدم معنا من قوله: (مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد) فهذا الحديث نص على أنه يجب أن نبيع الأعيان الربوية متساوية.