- قوله – صلى الله عليه وسلم -: (البر بالبر كيلاً بكيل).
فهذا دليل على أن المعيار الشرعي في معرفة تساوي المكيلات هو الكيل لا الوزن.
واستثنى شيخ الإسلام – رحمه الله – من هذه القاعدة الأعيان التي لا تختلف بالوزن والكيل يعني: إن كلتها وتساوت أو وزنتها وتساوت فالأمر واحد، ومثل على ذلك: بالمائعات، فإذا أراد الإنسان أن يبيع ويشتري زيتاً بزيت فإن شاء وزناً وإن شاء كيلاً لأن الأمر سيان لا يختلف في الوزن والكيل بالنسبة للمائعات، وهذا القول من حيث النظر صحيح.
لكن لو أن البائع احتاط واكتفى بالمعيار الشرعي المذكور في الأحاديث لكان أولى.
- ثم قال – رحمه الله -:
- ولا بعضه ببعض جزافاً.
لا يجوز أن نبيع الربويات بعضها ببعض جزافاً.
- لأن القاعدة الشرعية المتفق عليها أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل والعلم بالتفاضل فالجهل بالتساوي.
إذاً الجهل بالعلم كالعلم بالتفاضل والعلم بالتفاضل محرم بنص الأحاديث السابقة فلا يجوز أن نبيع جزافاً لعدم العلم بالتساوي.
- ثم قال – رحمه الله -:
- وإن اختلف الجنس: جازت الثلاثة.
المقصود بالثلاثة: الكيل والوزن والجزاف.
فإذا اختلف الجنس فإنه يجوز التفاضل، وإذا جاز التفاضل جاز لنا أن نبيع المكيلات وزناً والموزونات كيلاً وأن نبيع الجميع جزافاً، لأن التحديد بالكيل والوزن والمنع من الجزاف إنما هو لاشتراط التساوي، فإذا سقط في اختلاف الجنس سقط المعيار الشرعي تبعاً له. فإذا باع الإنسان الذهب بالفضة: هنا اختلف الجنس، فيجوز أن نبيع الذهب بالفضة كيلاً وزناً بزيادة أو بنقص أو جزافاً.
وإذا باع الإنسان البر بالشعير فكذلك يجوز أن يبيع بالوزن وبالكيل وبالجزاف لأن التساوي لا يشترط.
ثم انتقل – رحمه الله – إلى بيان الجنس المذكور في الأحكام.
- فقال - رحمه الله -:
- والجنس: ماله اسم خاص يشمل أنواعاً كبر ونحوه.
الجنس هو: الشامل لأشياء مختلفة بأنواعها.
بينما النوع هو: الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها.
فالنوع: تحت الجنس.
فالبر تحته أنواع. والتمر جنس أنواع: كالسكري والبرحي وغيره من أنواع التمر.
الذهب جنس تحته أنواع لأن لكل نوع من الذهب بحسب البلدان والجودة اسم خاص فتحته أنواع.