- وأما السنة: فأحاديث كثيرة: - من أصحها حديث ابن عباس وهو عمدة الباب وسيأتينا ويعول عليه في كثير من الفروع في السلم وهو قوله - رضي الله عنه -: (قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة والناتس يسلفون فيها في الثمار السنتين والثلاث) وفي لفظ: (السنة والسنتين). لكن لفظ السنتين والثلاث هو الذي في البخاري - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (منن أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.
هذا الحديث عمدة وأصل في هذا الباب كما سيأتينا الاستشهاد والاستدلال بألفظه مراراً وتكراراً.
وأجمعت الأمة في الجملة على مشروعية السلم.
- قال - رحمه الله -:
- وهو عقد على موصوف في الذمة.
خرج بذلك: المعين. فإن المعين لا يعقد عليه في عقد السلم وإنما يعقد عليه في عقد البيع.
وقوله: (على موصوف في الذمة). الذمة هي: وصف يصير به المكلف أهلاً للإلزام والالتزام.
فالذمة لا تكون إلا لمن يعقل وهو مكلف. فالمسجد لا ذمة له: فهو لا يبيع ولا يشتري ولا يقترض ولا يرهن ولا يفعل ما يفعله المكلفون.
فإذاً الذمة هي هذا الوصف الذي من اتصف به من المكلفين أصبح أهلاً أن يلتزم وأن يلزم.
فخرج به: الصبي والمجنون وكل من لم يكلف.
- قال - رحمه الله -:
- مؤجل.
خرج بقوله: (مؤجل) الحال.
وقوله: (عقد على موصوف في الذمة) لا تغني عن قوله: (حال). كما قد يتبادر إلى ذهن بعض من يقرأ الكتاب. فقد يكون الشيء موصوف في الذمة. وهو ليس مؤجلاً بل حال. فإذاً السلم لابد أن يكون مؤجلاً.
وهذا القيد سيذكره المؤلف - رحمه الله - في الشروط بالتفصيل وهو محل عناية من الفقهاء لكن الذي يعنينا الآن أن كلمة مؤجل تخرج الحال.
- ثم قال - رحمه الله -:
- بثمن مقبوض بمجلس العقد.
لابد في السلم أن يكون مقبوضاً في مجلس العقد. وسيأتينا تفصيل هذا الشرط. والذي يعنينا هنا أن بعض الفقهاء قالوا أن هذه الجملة إدخالها في التعريف خطأ.
والسبب: أن هذا الحكم من شروط السلم وليس من حقيقته.
ومن العلماء الذين رجحوا أن إدخال هذه الجملة في التعريف خطأ: ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - فهو يرى أيضاً أن هذا من الشروط ولا يدخل في حقيقة السلم.