- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن كانت مكسرة أو فلوساً، فمنع السلطان المعاملة بها: فله القيمة وقت القرض.
يعني: وإن أقرضه دراهم مكسرة أو أقره فلوساً ثم منع السلطان من التعامل بالدراهم المكسرة والفلوس فحينئذ يجب أن يرد القيمة. وسيأتينا القيمة هل هي يوم القرض أو يوم الرد أو يوم الابطال؟
الدليل:
- قالوا: أن إبطال السلطان للتعامل بالدراهم المكسرة وبالفلوس هو إبطال لماليتها فهو كما لو تلفت وهي لو تلفت لم يجز أن يرجع فيها.
وهذا صحيح ولا إشكال في ذلك: إذا أقرضه دراهم مكسرة كان الناس يتعاملون بها ثم أبطل السلطان العمل بها فإن إبطال السلطان يعني أن هذه الأشياء ليس لها قيمة مالة مطلقاً في عرف الناس: فكيف نلزم المقرض المحسن أن يقبل هذا الرد؟
لكن المؤلف - رحمه الله - يقول: (فله القيمة وقت القرض).
إذا جاء في كلام الفقهاء: (وقت القرض) فيعني: يوم القرض. وقول بعض الفقهاء: (يوم القرض) أوضح وأدق.
= فالحنابلة يرون أنه يجب عليه أن يدفع القيمة يوم القرض.
فإذا كانت قيمة الفلوس يوم اقرض مائة درهم وقيمة الفلوس يوم الإبطال خمسين درهماً فالواجب: مائة. لأن الواجب هو يوم القرض.
لماذا؟ قال الحنابلة: لأنها وجبت - يعني: هذه الفلوس في المثال - في ذمته في ذلك اليوم.
= والقول الثاني: أنها تجب يوم الإبطال فننظر لليوم الذي أبطل فيه السلطان العمل بهذه الفلوس وندفع تلك القيمة.
واستدل هؤلاء:
- بأن الواجب في ذمة المقترض إلى يوم الإبطال: الفلوس أو قيمة الفلوس؟ (نحن نقول: متى تجب القيمة في الفلوس؟ إذا أبطلها السلطان) معنى هذا أنه قبل إبطال السلطان فالواجب الفلوس لأن الفلوس مثلية.
إذاً: مرة أخرى - نقول: هل الواجب في ذمة المقترض إلى يوم الإبطال الفلوس أو قيمة الفلوس؟ الفلوس.
ثم يوم الإبطال صار الواجب في ذمته القيمة.
فهم يقولون نأخذ باقيمة يوم الإبطال لأنها أصبحت في ذمته في ذلك اليوم وقبل ذلك كانت الفلوس هي التي في ذمته.
أي القولين أرجح؟ طبعاً: القول الثالث أنه يوم الرد وهذا ضعيف ضعيف فقهاً ونظراً لكن الإشكال في أنه هل الواجب ذمة المقترض يوم الإبطال أو يوم القرض؟