هذا الحديث المهم في باب الرهن محل خلاف بين الأئمة: فذهب بعض الأئمة إلى أنه معلول بالإرسال وأنه لا يثبت مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وممن ذهب إلى هذا الإمام أبو داود وابن القطان والدارقطني وغيرهم من أئمة المسلمين.
وذهب بعض الأئمة إلى أنه يثبت مرفوعاً متصلاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وممن ذهب إلى هذا من الأئمة عدا المتأخرين الإمام الدارقطني. فأنت تلاحظ أن الدارقطني تارة يرى أنه موصول وتارة يرى أنه مرسل.
فاختلف قوله - رحمه الله - في هذا الحديث.
أما قوله الذي هو بالإعلال فذكره في العلل. وأما الحكم عليه بالصحة والاتصال فذكره في السنن فقد عقب هذا الحديث بقوله إسناد جيد متصل ومن المعلوم لكل طالب علم: أن كلام الإمام الدراقطني في العلل أمتن وأعمق وأهم من كلامه في السنن لأن العلل مخصص للكلام على الطرق والأسانيد والعلل وأما السنن فهو مخصص لجمع الأحاديث. وقيل مخصص لجمع الأحاديث الضعيفة كأنه أراد أن يجمع الأحاديث الضعيفة.
وأياً كان فكلامه في العلل الذي يتوافق مع كلام الحافظ أبي داود وغيره هو الصحيح وهو مقدم على كلامه في السنن.
وهذا الحديث وإن كان مرسلاً إلا أنه يصلح للاستدلال وما زال أهل العلم يستدلون به ويستشهدون به لأنه مرسل وتعضده النصوص وتعضده فتاوى الصحابة.
- قال - رحمه الله -:
- وهو أمانة في يد المرتهن، إن تلف من غير تعد منه: فلا شيء عليه.
الرهن أمانة في يد المرتهن.
وقول المؤلف - رحمه الله - هنا:(إن تلف من غير تعد منه فلا شيء عليه) هذا ثمرة كون العين أمانة.
فالحكم الآن: أن الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه إلا إذا تعدى أو فرط.
وهذا مذهب الجماهير.
واستدلوا على هذا بأمور:
- الأمر الأول: أن رفع الضمان عن المرتهن إذا تلفت العين بغير تعد ولا تفريط مروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
- الثاني: الحديث الذي تقدم معنا وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وعليه غرمه).