وثالثاً: أن أثر عطاء هذا مرسل ومراسيل عطاء ضعيفة. أضف إلى هذا كله أن عطاء كان يفتي بخلاف هذا الأثر الذي يرويه وهذا مما يوهن الأثر.
فالراجح والله أعلم مذهب الحنابلة وهو القول الأول.
- قال - رحمه الله -:
- ولا يسقط بهلاكه: شيء من دينه.
هذا قول مفرع على المسألة السابقة.
فإذا اعتمدنا أن المرتهن لا يضمن فغنه لا يسقط من دينه شيء ولو تلف الرهن ويكون كله من ضمان الراهن.
ودليل ذلك:
- أن الدين ما زال باقياً في ذمة الراهن ولو تلفت العين المرهونة.
فإذاً لا يسقط منه شيء مطلقاً وإنما يبقى كما هو ويرجع يطالب الراهن بدينه مرة أخرى.
وهذا معنى: (لا يسقط بهلاكه شيء من دينه) وهو كما قلت مفرع على المسألة السابقة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن تلف بعضه: فباقيه رهن بجميع الدين.
(وإن تلف بعضه) يعني: وإن تلف بعض الرهن فباقيه رهن بالدين.
وهذا بلا نزاع وهو معلوم لأنه إذا كانت العين كاملة رهناً فإذا تلف بعضها فبقاء ما بقي منها في حكم الرهن من باب أولى.
فإذا رهنه قطيع شياة يتكون من خمسين رأس من الغنم ومات نصف هذا القطيع فالباقي يبقى أو يرجع ينفك عنه الرهن؟ يبقى.
وهذا لا إشكال فيه لكن أراد المؤلف - رحمه الله - أن يبين الحكم.
- قال - رحمه الله -:
- ولا ينفك بعضه مع بقاء بعض الدين.
المقصود من هذه العبارة أنه إذا قام المدين بسداد بعض الدين الذي فيه رهن فإنه لا يفنك من الرهن بقدر ما قضى من الدين بل يبقى جميع الرهن كما هو رهناً على باقي الدين.
واستدلوا على هذا:
- بأنه جميع أجزاء الرهن مرتبطة بالدين حتى ينقضي كله فسداد بعض الدين لا يسبب انفكاك بعض أجزاء الرهن لأن جميع الأجزاء مرتبطة.
وهذا عكس ما يفهمه بعض الناس أنه كلما قضى شيئاً من الدين انفك بعض الرهن بل الحكم كما سمعت.
- قال - رحمه الله -:
- وتجوز الزيادة فيه دون دينه.
(تجوز الزيادة فيه) يعني: في الرهن.
فإذا افترضنا أن زيداً اقترض من عمرو خمسين ألفاً ووضع عنده سيارة رهناً ثم أتى بسيارة أخرى لتكون مع الرهن الأول فأصبح الرهن يتكون من سيارتين وقد كان سيارة واحدة.
فهذا زيادة في الرهن أو في الدين؟ هذا زيادة في الرهن.