إذاً: عرفنا الآن معنى الضمان. الضمان هو: أن يتحمل الإنسان في ذمته ما على غيره من المال وتصبح ذمة الضامن والمضمون عنه مشغولة بالدين.
والضمان مشروع ولله الحمد بالكتاب والسنة والإجماع وحاجة الناس إليه ماسة.
ـ أما الكتاب فقوله: (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم). والزعيم هو الغارم كما قال ابن عباس.
ـ وأما من السنة فما صح في البخاري وله ألفاظ في السنن والمسانيد أن رجلاً مات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فغسلوه وكفنوه وأتوا به النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه فقام ليصلي عليه فلما هم بالصلاة قال هل عليه من دين قالوا: نعم. قال - صلى الله عليه وسلم -: صلوا على صاحبكم. فقام أبو قتادة وقال: الدين علي يا رسول الله. فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلى. وله ألفاظ كثيرة في السنة. لكن هذا اللفظ الذي ذكرت هو أقرب الألفاز إلى لفظ الإمام البخاري إذ ليس فيه زيادات وإنما فيه فقط أن أبا قتادة تحمل الدين في ذمته.
ـ وأما الإجماع فأجمعوا في الجملة على مشروعية الضمان.
- يقول المؤلف - رحمه الله -:
- لا يصح إلاّ من جائز التصرف.
يعني: الضمان من العقود التي لا تصح إلا من جائز التصرف.
وعلة ذلك:
- أنه من جملة التبرعات المالية والتبرعات المالية لا تصح إلا من جائز التصرف.
ولهذا نقول ليس لغير المكلف أن يضمن ديناً لأحد مطلقاً وضمانه باطل.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولرب الحق: مطالبة من شاء منهما في الحياة.
(لرب الحق) يعني: الدائن. أن يطالب الضامن أو المضمون عنه. هو بالخيار ويستطيع أن يطالب الضامن مع إمكانية مطالبة المضمون عنه. واستدل الحنابلة على هذا الحكم:
- بحديث وتعليل.
ـ أما الحديث: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الزعيم غارم) هذا الحديث إسناده جيد إن شاء الله.
ـ وأما التعليل فقالوا: أن حقيقة الضمان إشغال ذمة الضامن والمضمون عنه بالدين وإذا كانت ذمته مشغولة بالدين جازت مطالبته.
= والقول الثاني: أنه لا يجوز أن نطالب الضامن مع إمكانية مطالبة المضمون عنه.
واستدلوا على هذا: