للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستدلوا بدليلين:

- الأول: أن الإنسان لا يلزم بتعمير ملكه. فلا يلزم يتعمير ما ملكه مع غيره.

- الثاني: أن الإنسان لا يلزم بالنفقة على غير المحترم. ويقصدون بالمحترم: الذي له نفس. يهلك إذا لم ينفق عليه.

وإذا لم يجب عليه فلا يجوز أن نلزمه بغير واجب.

وإلى هذا ذهب ابن قدامة. فمال إلى أنه لا يلزم. إذا لم يرد بناء جدار لايلزم.

أي القولين أرجح؟ في الحقيقة تتجاذب المسألة أدلة قوية لكن الراجح فيما يبدو لي: أنه لا يلزم إذا أبدى عذراً صحيحاً ويلزم بدون ذلك.

فإذا أبدى عذراً واضحاً لم نلزمه وإذا امتنع إضراراً ألزمناه.

وهذا القول وسط لا ضرر عليه إذا امتنع بسبب وجيه ولا نلزمه بعد ذلك وإذا اعتذر بعذر غير وجيه نلزمه.

وفي الغالب الذي يتولى تقدير عذر الممتنع هو: القاضي بلا شك. ليخرج من الخلاف بين الأشخاص ويفصل القاضي بين الخصوم.

- المسألة الثانية: إذا خيف ضرره.

إذا خيف ضرر الجدار بأن ينهدم وجب على كل منهما إقامة الجدار والنفقة عليه. وهذا لا إشكال فيه. لأن بقاء الجدار مع خوف الانهدام فيه ضرر ظاهر.

والهلاك بسقوط الجدار على الإنسان غالب.

فيجب وجوباً النفقة عليه إذا خيف ضرره.

فإذا انهدم رجعنا إلى المسألة السابقة.

- ثم قال - رحمه الله -:

- وكذا النهر والدولاب والقناة.

يعني: والحكم نفسه إذا تهدم الدولاب أو القناة أو النهر وطلب أحد الشريكين من الآخر أن يصلحها وجب على الجميع الاشتراك في الإصلاح.

والنهر: هو الماء الجاري الذي يشتط منه للمزارع أي من النهر الكبير. فهذا النهر الصغير يسمى أيضاً نهراً.

والدولاب: هي آلة تستعمل في إخراج الماء إما عن طريق الإدارة بالحيوانات أو بالماء.

والقناة: حسب ما يقول الحنابلة: هي الآبار التي تحفر متقاربة يخرج الماء منها على سطح الأرض.

هكذا فسر الحنابلة القناة مع أن الذي يتبادر إلى الذهن من كلمة القناة أنها قناة ممتدة لتوصيل الماء.

لكن هم يرون أنها الآبار.

فهذه الأشياء إذا انهدمت وتعطلت وجب على الشريكين الاشتراك في إصلاحها.

والقول بوجوب إصلاح مثل هذه الأشياء - الثلاثة الأخيرة - أوجه وأوجب من القول بوجوب إصلاح الجدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>