هذه هي الشروط فكل إنسان بالغ عاقل راشد ليس بسفيه فإنه لا حجر عليه ولا نفك الحجر إلا بتحقق هذه الشروط ولو كبر سنه. ولو أصبح شيخاً كبيراً. ولو كان من أعقل الناس فيما عدا الأموات لأن الحجر هنا يتعلق بالمال.
فما دام سفيهاً لا يحسن التصرف في أمواله فإنه يحجر عليه مهما بلغ لأن الشرط لم يتحقق وهو: الرشد.
وهذه السألة نظرية جداً يعني: أن يكون عاقلاً من أحسن الناس تصرفاً في كل شيء إلا المال فهذا لا يكاد يقع لكن لو وقع فهذا حكمه.
- ثم قال - رحمه الله -:
- والرشد: الصلاح في المال.
بدأ المؤلف - رحمه الله - في بيان حد الرشد النافي للسفاهة فيقول: (هو الصلاح في المال) فمن أصلح ماله وأجاد التصرف فيه فهو رشيد.
وفهم من كلام المؤلف - رحمه الله - أن الرشد هو الصلاح في المال دون الدين. فلو كان من الصالحين في المال دون الدين فهو رشيد في هذا الباب. وإن لم يكن رشيداً في حقيقة أمره.
لكن نحن الآن يعنينا مسألة/ حكم الأموال.
فإذا وجد رجل سفيه في الدين يتساهل في الصلاة وفي الزكاة وفي الصيام وفي بر الوالدين لكنه حسن التصرف في المال فهو عند الحنابلة في هذا الباب رشيد - فهو رشيد.
واستدل الحنابلة على هذا:
- بقوله: {فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء/٦] وأن ابن عباس فسر هذا بحسن التصرف في المال. فنص ابن عباس على المال. وهذا الأثر فيه ضعف.
= القول الثاني: أن الرشد لا يكون إلا بالصلاح في المال والدين.
- لأن السفيه في الدين لا يؤمن أن يبذر في المعاصي.
والراجح إن شاء الله مذهب الحنابلة وهو أنه لا يشترط الصلاح لافي الدين لأن المقصود هنا بحث الصلاح في المال وأما فساد دينه فيعاقب ويزجر من باب آخر. أما أن يحجر عليه فليس في الأدلة ما يدل عليه.
ثم ما زال عمل المسلمين على وجود سفهاء في الدين لكنهم من الراشدين في المال. ومع ذلك لم يحجر عليهم على مر العصور واختلاف القضاة والحكام فالأدلة الشرعية مع الاستئناس بعمل المسلمين يدل على رجحان القول الأول.
إذاً نقول أن الراجح هو أن الصلاح هو الرشد في المال فقط لا في الدين.
ثم مع كون المؤلف - رحمه الله - بين الصلاح والرشد بماذا يكون فصل نوعاً ما في هذه المسألة: