- بأن الإنسان قد يوكل غيره في الخصومة لكونه يتقن الخصومة ويعرف البينات والأدلة. ولكن لا يريد منه أن يقبض. لأحد سببين: ـ السبب الأول: أنه لا يأتمنه على ثمن العين محل الخصومة. ـ والسبب الثاني: يخشى أن يموت الخصم فتنتقل العين إلى الورثة وهو يحب بقاء العين مع الورثة ولا يريد التضييق على الورثة. فهو لهذين الأمرين وكله في الخصومة دون القبض.
= والقول الثاني: أنه إذا وكله في الخصومة ودلت القرائن والأعراف على أن مثله يقبض فإنه يقبض.
وربط هذه المسائل بالأعراف هو الصحيح.
لأنه ليس في النصوص وصف تفصيلي للأحكام فنرجع إلى عرف الناس إذ سيتعامل الناس غالباً على وفق العرف.
- قال - رحمه الله -:
- والعكس بالعكس.
فإذا وكله في القبض فله أن يخاصم.
واستدلوا على هذا:
- بأن القبض لا يتم إلا بالخصومة.
((الأذان)).
إذاً يقول المؤلف - رحمه الله -: والعكس بالعكس.
فإذا وكله بالقبض ملك الخصومة.
واستدلوا على هذا:
- أن القبض لا يتم إلا بالخصومة. يعني: إلا بعد الخصومة.
وبهذا فرق الحنابلة بين هذه المسألة والمسألة السابقة.
= القول الثاني: أنه إذا وكله في القبض فإن هذا لا يعتبر توكيلاً بالخصومة إلا إذا علم الموكل من دلالة الحال أن القبض لن يكون إلا بعد خصومة. كأن يعلم الموكل أن المدين مماطل أو جاحد أو يتهرب فحينئذ إذا وكله في القبض فهو توكيل في الخصومة.
وهذا القول الثاني هو الصحيح. أن التوكيل بالقبض ليس توكيلاً بالخصومة مطلقاً. بل ربما كره الموكل أن يخاصم الوكيل الدائن وقال له: إنما وكلتك بالقبض فقط.
فهذا القول الثاني: هو الصحيح وهو أقوى من المذهب. وعليه عمل الناس. إذ ليس التوكيل في القبض توكيل مباشر بالخصومة. هذا أمر ظاهر.
- ثم قال - رحمه الله -:
- و ((اقْبِضْ حَقِّي مِنْ زَيْدٍ)) لا يقبض من ورثته.
يعني: وإذا قال الموكل للموكل اقبض حقي من زيد. فهذا ليس توكيلاً بقبض الحق من الورثة.
- لأنه إنما وكله بقبض الحق من زيد ونص عليه. فلا تتجاوز الوكالة زيد.
- ولأنه رما كره أن يطالب الورثة بالدين بعد موت المدين.
= والقول الثاني: أن التوكيل بالقبض من زيد توكيل بالقبض من ورثته.