للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا التفصيل الجميل هو مذهب المالكية. وهو الراجح إن شاء الله. فنرجع إلى العرف إذا اختلفا ولا نقدم قول أحد على أحد فإن وافق العرف القولين لرب المال والعامل قدمنا قول العامل.

- ثم قال - رحمه الله -:

- وكذا مساقاة ومزارعة.

يعني في المسألتين السابقتين.

إذا اختلفوا في الجزء المشروط من الثمر في المساقاة أو من الزرع في المزارعة فهو للعامل.

وإن اختلفا في مقدار الجزء المشروط فالقول قول رب الأرض في مسأة المساقاة والمزراعة. نقول رب الأرض ولا نقول رب المال إذ لا يوجد مال كما سياتينا.

والخلاف في هذه المسألة كالخلاف في المسألة السابقة تماماً بلا زيادة ولا نقص والراجح فيها هو الراجح في تلك.

- قال - رحمه الله -:

- ولا يضارب بمال لآخر: إن أضر الأول ولم يرض.

في هذه المسألة تفصيل:

ـ إذا ضارب العامل لرجل آخر بلا مضرة بالأول أو معها لكن برضى رب المال الأول: جاز بالإجماع.

ولهذا لو أن المؤلف - رحمه الله - استبدل الواو بأو لكن أنسب للحكم لأنه هو في الواقع يجوز إذا لم يضر أو رضي ولا نشترط أن لا لا يضر وأن يرضى.

المهم: إذا ضارب لرجل آخر بلا مضرة أو معها برضى الأول: جاز بالإجماع.

ـ وإذا ضارب لرجل آخر مع المضرة بلا رضى الأول: فإنه لا يجوز: = عند الحنابلة.

وهو منصوص الإمام أحمد - رحمه الله -. هذه المسألة من المسائل التي تبناها الإمام أحمد شخصياً وأفتى فيها مراراً.

الدليل: - قالوا: الدليل: أن مبنى الشركة على تحقيق الربح والسعي في تكميله واستغاله بمضاربة أخرى يضر بهذا المقصود.

- واستدلوا أيضاً: بأن منافع العامل مستحقة بالعقد الأول.

= والقول الثاني: وهو مذهب الجماهير: أن العامل له أن يعمل بالمضاربة مع رجل آخر بشرط: أن لا ينص في العقد الأول على المنع من ذلك.

واستدلوا على هذا: - بأن عقد المضاربة لا يستلزم استغراق منافع المضارب كلها بل هو عقد على عمل معين.

وهذا القول هو الصحيح. إذ ليس في الأدلة شيء واضح يدل على تحريم عمل المضارب بمضاربة أخرى.

لكن نقول أن ما ذهب إليه اإمام أحمد - رحمه الله - وجيه فيما إذا تبين لنا أن العقد الثاني أخل وأضر بالعقد الأول. فلرب المال الأول أن يمنع الثاني من المضاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>