يقول ’ ويعفى في غير مائع ومطعوم عن يسير دم من حيوان طاهر.
هذا الأمر الأول: لماذا استثنى الحنابلة الدم والاستجمار فقط؟
الجواب: استثنوا ذلك للإجماع فقالوا إن هذا محل إجماع.
وبالنسبة للإستجمار بالإضافة إلى الإجماع النصوص الدالة على جواز الاستجمار تدل على العفو عن يسيرة لأنه لا بد أن يبقى بعد الاستجمار يسير من الخارج من السبيل لأن الحجارة ونحوها لا يمكن أن تزيل جميع الخارج.
وقول المؤلف: يسير دم نجس من حيوان طاهر: يفيد أن الدماء ليست على حد واحد عند الحنابلة. وهو كذلك فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: دم نجس يعفى عن يسيره. مثاله: الآدمي والحيوانات الطاهرة.
القسم الثاني: دم نجس لا يعفى عن يسيره. وهو: الدم الخارج من السبيلين.
القسم الثالث: دم طاهر. كدم السمك ودم الشهيد وما يبقى في عروق الذبيحة التي ذبحت على مقتضى الشرع وكذلك دم الحيوانات التي ليس لها نفس سائلة. وسيأتينا ذكر عدد من الأمثلة في ثنايا كلام المؤلف.
وقد ذكر هذا التقسيم أكثر من عالم من فقهاءالحنابلة وهو تقسيم جيد يسهل ويجمع أطراف المسألة.
وعلم من قول المؤلف: يسير دم نجس. أنه يرى أن الدم نجس وهذا القول حكي فيه الاجماع من عدد من العلماء وحكى الإجماع عالم هو من أشد الناس في الإجماعات وهو الإمام أحمد فقال: الدم لا يختلفون فيه.
وتقدم معنا أن حكاية الإجماع تختلف قوتها من عالم لعالم وإذا كان حكى الإجماع مثل الإمام أحمد فهذا إجماع قوي لأنه يتشدد في الإجماع لا يكاد يثبت إجماع إلا عن الصحابة.
فإذا أثبت الإجماع فهو إجماع قوي.
الأدلة: أولاً: العمومات: كقوله تعالى {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام/١٤٥]
وهذا نص.
ثانياً: أن أسماء لما سألت عن دم الحيض يصيب الثوب أمر النبي ‘ بغسله غسلاً كاملاً فقال حتيه ثم اقرصيه ثم انضحيه بالماء.
ولا يوجد دليل على أن هناك فرق بين دم الحيض وغيره من الدماء.
القول الثاني في هذه المسألة المهمة: أن الدم طاهر استدلوا بأدلة: