أفادنا المؤلف أنّ الأصل في جناية الدواب أنها هدر , هذا هو الأصل , ولايستثنى من هذا إلاّ الثلاث صور التي ذكرها المؤلف. وهي ما إذا أوقفها في طريق ضيّق , وما إذا خرجت في الليل أو في النهار؟ في الليل. وما إذا كانت يده عليها. هذه ثلاث صور تضمن فيها إتلافات البهيمة. فيما عدا هذه الصور فإنّ الأصل في البهيمة عدم الضمان لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - (جرح العجماء جبار) أو قال (العجماء جرحها جبار) هذا الحديث يؤصل هذه القاعدة , وهي أنّ الأصل في البهائم عدم الضمان.
- قال - رحمه الله - (كقتل الصائل عليه).
يعني كما أنّ من قتل الصائل عليه لايضمن , فإذا صال زيد على عمرو وقام عمرو بقتله , فإنه لايضمن سواء كان الصائل يريد النفس أو العرض أو المال , ويشترط لهذا شرط مهم جداً , وهو أن لايمكن دفعه إلاّ بالقتل , فإن أمكن دفعه بدون القتل وقتله فإنه يضمن.
وأما ماذا يضمن؟ وهل نعتبره قتل خطأ أو عمد؟ فهذا يرجع للقاضي وملابسات القضية ,لكن نحن يعنينا الآن أنه يضمن. لماذا؟
لأنه إذا أمكن دفعه بدون القتل ودفعه بالقتل فهو متعدّي , ونحن نقول الضمان دائماً ملازم لقضية ماذا؟ لقضية التعدّي.
بناء على هذا لايقبل في المشاجرات البسيطة , الزعم أنه دفعه دفع صائل , فليس من المقبول, إذا قال رجل لآخر انصرف عن هذا المكان وأغلظ له القول أن يقوم ويقتله , ويقول هذا من دفع الصائل , كأن يتكلم عليه بغلظة , نقول هذا يمكن دفعه أصلاً بغير الضرب أليس كذلك؟ بل الواجب أن يعرض عنه الإنسان , كذلك لوقام زيد بضرب عمرو ضرباً ليس مبرح ولاخطر , ثم يزعم أنه دفعه دفع صائل بقتله , فإنه لايقبل , أما لو إعتدى عليه في بيته أو في عرضه أو في ماله , أو شعر منه أنه يريد دمه ,فإنه حينئذ إذا دفعه
بالقتل فلا حرج عليه , وهذا الحكم بالإجماع. أنّ دفع الصائل الذي لايمكن دفعه إلاّ بالقتل لايترتب عليه ضمان بالإجماع.
لأنّ فيه حفظ للنفس.
- قال - رحمه الله - (وكسر مزمار وصليب وآنية ذهب وفضة وآنية خمر غير محترمة).
ذكر الشيخ عدة أعيان كسرها لايضمن , فإذا كسر آلة المزمار أو آنية الذهب والفضة أو آنية الخمر أوالصليب فإنه لاحرج عليه.