القول الثاني: أنّ الشفعة تثبت فيما أخذ بعوض غير مالي واستدلوا على هذا بالقياس على البيع , وجهة القياس أنّ في كل من البيع والعوض الغير مالي أخذ للسلعة مقابل عوض , لكنه هنا مالي وهنا عوض غير مالي , لكن اشترك الأمران في أنه مقابل ماذا؟
عوض , أيهما أقوى قول الحنابلة في المسألة الثانية أوقول الحنابلة في المسألة الأولى؟ قولهم في المسألة الأولى أقوى والسبب أنّ غاية ما هنالك أنّ المسألة الثانية مقيسة على الأولى فهي أضعف من الأولى وإذا كنا نرجح في الأولى التي هي الأصل المقيس عليه خلاف
المذهب, فلَئن نرجح في المسألة المقيسة عليها خلاف مذهبهم من باب أولى. فالراجح إن شاء الله تثبت فيها الشفعة.
- قال - رحمه الله - (ويحرم التحيُل لإسقاطها).
التحيل في إنتهاك المحرم أو الإمتناع عن الواجب محرم , والدليل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (قاتل الله اليهود لما حرّم الله عليهم الشحوم أذابوها ثم باعوها ثم أكلوا ثمنها).
والحيلة في الشرع: هي الوصول إلى الأمر المحرم بطريقة ظاهرها الجواز , وقول المؤلف - رحمه الله - وتحرم الحيلة يعني وإن فعل فلا عبرة بها , والحيلة في كل باب محرمة , وإنما نصّ المؤلف - رحمه الله - على الحيلة في الشفعة لكثرة وقوعها , ومن الأشياء المفيدة التي ذكرها الحنابلة في هذا الباب صور كثيرة للحيل في الشفعة , من المفيد والمناسب أن تراجع هذه الصور لأنها تنمي الذهن نحن نأخذ هنا صورة واحدة , وهي الأكثر وقوعاّ, من صور التحيل في الشفعة أن يزعم البائع أنه باعها بمئة وخمسين , وهو باع في الباطن بخمسين ومقصوده من التشفيع , لأنّ الشفيع وهو الشريك إذا رأى أنّ السلعة دفع فيها أضعاف القيمة الحقيقية فسيمتنع من التشفيع لأنه إن شفّع فسيدفع القيمة أو الثمن؟ الثمن كما تقدم معنا , فإذا رأى أنها تضاعفت إمتنع عن التشفيع فهذه حيلة محرمة ,
وإذا تبيّن للقاضي أنه تحيّل بها , سقطت الحيلة واستحق الشريك أن يشفّع في هذا العقد.
- قال - رحمه الله - (وتثبت لشريك في أرض تجب قسمتها).