ونحن لم نذكر في بداية الباب مسألة مشروعية الشفعة , نستدركها الآن فنقول الشفعة مشروعة بالسنة والإجماع.
أما السنة /فحديث جابر الذي تقدّم معنا الآن أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (قضى بالشفعة في كل مالم يقسم).
وأما الإجماع /فقد حكاه أهل العلم إجماعاً , عن فقهاء أنّ الشفعة مشروعة , ولم يخالف في هذه المسألة إلاّ رجل واحد وهو الأصم وخلافه لاغي وغير معتبر , أولاً لأنّ الخلاف هذا في مقابل النصّ فلا عبرة به , وثانياً أنه خالف بعد ثبوت الإجماع , فإنّ الإجماع سابق لخلاف الأصم , فلا عبرة بخلافه في الحقيقة مطلقاً , فنستطيع أن نقول أنه يوجد إجماع صحيح.
نرجع إلى مسألتنا الغراس والبناء تابع للأرض , بالإجماع ممن يقول بمشروعية الشفعة.
- قال - رحمه الله - (لاالثمرة والزرع).
يعني لاتثبت الشفعة في الثمرة والزرع لااستقلالاً ولاتبعاً , لاتثبت مطلقاً , واستدلوا على هذا بأن الثمر والزرع لايتبع البيع فكذلك لايثبت في الشفعة , واستدلوا على ذلك بحديث جابر لأنهم يرون أنّ الحديث وارد في الأرض فقط.
والقول الثاني: أنّ الشفعة تثبت في الزرع والثمر تبعاً للأرض , لأنّ الزرع والثمر تابع للأرض , وتابع الشيء يأخذ حكمه , وهذا صحيح , وهو أنه يثبت لاسيما على القول الراجح وهو أنّ الشفعة تثبت في كل شيء منقول أوثابت.
- قال - رحمه الله - (فلا شفعة لجار).
لاتثبت الشفعة للجار عند الحنابلة , أولاً لحديث جابر , وثانياً لأنّ الضرر منتفي بالتقسيم فإنها إذا قمست الطرق وأخذ كل منهما أرضه لم يعد هناك ضرر يلحق الجار ببيع جاره للأرض.
القول الثاني: ثبوت الشفعة للجار مطلقاً , لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (الجار أحق بشفعة دار جاره) ينتظر بها إذا كان غائباً إذا كان طريقهما واحد , واستدلوا أيضاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (الجار أحق بسقب جاره) وحمل الحنابلة هذا الحديث الثاني لأنّ هذا الحديث الثاني صحيح في الصحيح , حملوه على البر والإحسان لا استحقاق الشفعة.