فإذا لم يرض المشتري بخروج هذا الشقص من ملكه إلا بهذا الثمن وجب أن لا يخرج إلا به.
فإذاً الدليل الثاني يعود لمبدأ الرضا وهو مبدأ كبير في البيوع.
- قال - رحمه الله -:
- فإن قال: ((اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ)) أخذ الشفيع به ولو أثبت البائع أكثر.
إذا قال المشتري: اشتريت الأرض بألف وقال البائع بعت الارض بألفين واتى ببينة تثبت أنه باع على المشتري بألفين فإن الشفيع يأخذ بالثمن الذي قاله المشتري أو البائع؟
المشتري.
فإن الشفيع يأخذ بالثمن الذي قاله المشتري ولا علاقة له بما قال البائع.
التعليل:
- قالوا علة ذلك: أن المشتري صرح بتكذيب البائع وأنه ظلمه بالألف الزائدة فلا تثبت حقاً له.
ومعنى هذا: أن المشتري الآن يزعم أن البائع ظلمه بزيادة ألف لأنه هو يدعي أنه اشترى بألف والبائع يقول بعتك بألفين فهو مظلوم بألف.
فإذا كان يزعم أنه مظلوم بألف فإن الشفيع لا يأخذ الشقص منه إلا بما أقر به وهو الألف دون ما يزعم أنه ظلم به وهو الألف.
فالمشتري الآن يزعم أن البينة كاذبة ولو ثبتت عند القاضي. إلا أنه هو يزعم أن البينة كاذبة وأنه مظلوم بالألف الزائدة فلا تثبت حقاً.
وهذا صحيح. إذ ليس من المعقول أن نلزم الشفيع بثمن المشتري نفسع ينفيه. فليس على الشفيع إلا أن يدفع ألفاً وتكون القضية منحصرة بين البائع والمشتري ينهونها بينهم وليس للشفيع علاقة بهذا العقد.
ومن المعلوم أن المشتري سيقول: اشتريت بألف إذا كان رجلاً صاحب دين وورع ولا يريد أن يأكل مال غيره بغير حق.
ومن هنا: أريد أن أشير إلى شيء على عجل: طالب العلم ينبغي أن يتنبه له: وهو أنه ينبغي أن نتنبه إلى مسألة أن لا يستغل بعض الناس بعض الأحكام لأكل أموال الناس بالباطل.
فبعض الناس يكون من أنصاف المتعلمين عنده بعض المعلومات يستغل هذه المعلومات في أكل أموال الناس بالباطل.
مثاله/ هذه المسألة. لو أن المشتري رجل لا دين عنده ولا مانع ان يأكل أموال الناس فبإمكانه أن يقول: إنما اشتريت الأرض بكم؟ ( .. ) لأنه إذا قال أني اشتريت الأرض بألفين فالشفيع ملزم بأخذها بكم؟ بألفين.
فإذاً يجب على طالب العلم أن يتنبه إلى مثل هذه الأمور.