ففي المثال السابق: ذكرنا أنه أنكر يوم الجمعة وزعم أنها تلفت الخميس لكن لو زعم أنها تلفت السبت لقبل قوله.
وعللوا ذلك:
- بأنه لا تعارض بين قوله وبين البينة. لأن البينة أثبتت وجود الوديعة يوم الجمعة ثم أثبتت البينة الأخرى أنها تلفت يوم السبت.
إذاً: ليس بين البينتين تعارض.
وهذا القول صحيح.
وهذه المسألة مما يؤكد المسألة السابقة وهي أنه يرجع في مثل هذه المسائل إلى حنكة القاضي ونظره في الملابسات.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن ادعى وارثه الرد منه أو من مورثه: لم يقبل إلاّ ببينة.
يعني: إذا ادعى وارث المودَع. فإذاً المسألة مفروضة فيما إذا مات المودَع.
فإذا مات المودَع وادَّعى الوارث أنه هو أو مورثه أدى الأمانة فإنه لا يقبل إلا ببينة.
التعليل: - قالوا: أن المودِع إنما ائتمن المودَع ولم يأتمن الورثة. فعلى الورثة إذا أرادوا إثبات ذلك أن يحضروا بينة.
ومن هنا نعلم أنه ينبغي على الإنسان إذا كانت عنده ودائع أن يثبتها مكتوبة موثقة حتى لا يدخل الورثة في مشاكل مع المودِع وحتى لا يضطر الورثة إلى إنكار الوديعة. فيجب أن يكون المودَع نبيهاً وأن يضبط ما يتعلق بالوديعة لأنه إن مات وقد أداها ولم يثبت أنه أداها فيستطيع المودِع أن ينكر.
وهذه المسألة تشبه المسائل السابقة التي ربما يستغلها بعض الناس في التلاعب.
من هنا نقول: يجب إذا أديت الأمانة أن تثبت أنك أديت الأمانة حتى لا تعرض الورثة للمسائلة.
- قال - رحمه الله -
- وإن طلب أحد المودعين نصيبه من مكيل أو موزون ينقسم: أخذه.
مراد المؤلف - رحمه الله - يعني: إذا أودع رجلان شيئاً مشركاً بينهما عند المودَع فإنه إذا طلب أحهما نصيبه يدفع إليه بلا رضا من الشريك الآخر.
لكن هذا مشروط بأن يمكن قسمة هذا الشيء المودع بلا غبن ولا ضرر عليهما.
حينئذ يجب على المودع وجوباً أن يدفع نصيب هذا الرجل إليه ولا يحتاج لا إلى رضا الشريك الآخر ولا إلى استئذان الحاكم.
وقيل: أنه لا يجوز ولو كان الشيء يقبل القسمة الدفع بل يجب أخذ رضا الشريك لأنهما دفعا إليه في وقت واحد. ولأن لا يحصل الخطأ في القسمة.