وعللوا هذا: - بأن الأحاديث فيها إفادة الملك فهو يقول: (فهي لك).
- ثم إن الشارع رتب ملك على التعريف سنة فإذا انتهى تعريف السنة حصل الملك باختياره أو بغير اختياره.
ويترتب على هذا القول: أن الملتقط بعد سنة إذا تلفت اللقطة فهي مضمونة عليه مطلقاً.
لماذا مضمونة عليه مطلقاً؟ - لأنها أصبحت من أملاكه. وإذا دخل الشيء في ملكك ثم تلف فهو مضمون عليك مطلقاً لا نقول فرَّط أو لم يُفَرِّط لأنها أصبحت من أملاكه.
إذاً: عرفنا مذهب الحنابلة وعرفنا ماذا يترتب على هذا القول ويكاد يكون ما يترتب على القول أهم من القول.
= القول الثاني: أن اللقطة لا تدخل في ملكه إلا باختياره فإن اختار أن لا يتملك فإن اللقطة تصبح وديعة لا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
وهذا القول اختيار أبي الخطاب من الحنابلة وقول لبعض الشافعية وقيل إنه هو المذهب الاصطلاحي.
= القول الثالث: أن اللقطة بعد السنة تدخل في ملك الملتقط قهراً ولا يضمنها.
ففيه الجمع بين القولين. وجه ذلك:
- وجهه: أن الملتقط إنما التقطها بإذن الشارع وعرفها بإذن الشارع وملكها بإذن الشارع ولا يترتب على الإذن الضمان.
فإذا أخذها والتقطها وعرفها سنة وتملكها ثم تلفت أو انتفع منها فإنه إذا جاء صاحبها لا يضمنها له.
وهذا القول قوي ووجيه لولا اللفظ السابق لحديث زيد.
ففي اللفظ السابق يقول: (فإذا جاء صاحبها يوماً من الدهر فأدها إليه). هذا لحديث يكاد يكون نص في المسألة.
وليس في الحديث أنه إذا جاء صاحبها يوماً من الدهر فأدها إليه إلا إن كنت انتفعت بها. ليس في هذا القيد.
ولذلك الراجح إن شاء الله القول الثاني. فهو إن شاء تملك وإن شاء لم يتملك.
فإن لم يتملك فهي وديعة وأمانة تبقى عنده.
وإن شاء إذا مرت السنة ولم يرد أن يتملك إن شاء أن يدفعها إلى الإمام تخلصاً منها فهذا أمر مشروع وذكره بعض الفقهاء.
إذاً هو مخير بين أن تبقى عنده وديعة وبين أن يدفعها إلى بيت المال.
- ثم قال - رحمه الله -:
- لكن لا يتصرف فيها قبل معرفة صفاتها.
لا يجوز له أن يتصرف في الوديعة إلا بعد أن يضبط صفات الوديعة.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اعرف عفاصها ووكائها).