مثال هذا: إذا أوصى لزيد ألف ولعمرو بألف ولخالد بألف ثم مات. الوصية الأولى في السنة الأولى والوصية الثانية في السنة العاشرة والوصية الثالثة في السنة العشرين من حياته فالآن هل نعامل هؤلاء الثلاثة معاملة واحدة ويتحاصون أو نقدم الأول فالذي يليه.؟ معامله واحدة.
المثال الآخر: إذا أعطى في مرضه المخوف زيد ألف ثم بعد يوم أعطى خالداً ألف ثم بعد يوم أعطى زيدا ألفاً ثم مات كم الآن مجموع العطايا؟ ثلاثة آلاف. لما بحثنا في تركته وجدنا أن الثلث ألف فهل نقسم الألف بين الثلاثة أو نعطيها الأول؟ نعطيه الأول. والثاني والثالث؟ يسقطان.
وهذا فارق جوهري وكبير بين العطية التي في حكم الوصية والوصية.
ولهذا بدأ به المؤلف - رحمه الله -.
ثم قال - رحمه الله -:
في الفرق الثاني:
ولا يملك الرجوع فيها.
يعني: لا يملك الرجوع في العطية بينما يملك الرجوع في الوصية.
ـ أما العطية فلأنها لازمة كما تقدم معنا، فلا يملك الرجوع فيها.
ـ وأما الوصية فسيأتينا أنه يجوز الرجوع فيها قولاً واحداً، وهذا فارق أساسي بينهما.
يقول - رحمه الله -:
ويعتبر القبول لها عند وجودها.
يعني: يعتبر القبول للعطية عند وجودها بينما يعتبر القبول للوصية بعد الموت.
فقبوله أو رده أي الموصى إليه قبل الموت لا عبرة به بينما في العطية وإن كانت حكمها حكم الوصية إلا أن القبول يعتبر قبل الموت وذلك لأن العطية تمليك في الحياة والوصية تمليك بعد الممات.
فهذا هو الفرق بينهما فقبول هذه يكون في الحياة وقبول تلك يكون بعد الممات.
يقول - رحمه الله –
في الفارق الأخير:
ويثبت الملك إذاً.
يعني: يثبت الملك في العطية من حين القبول وهو في أثناء الحياة ويثبت الملك في الوصية بالقبول بعد الموت.
ولهذا نقول: إذا أعطى عطية في مرض الموت المخوف وقبل المعطى فإن العطية وما يترتب عليها من نماء منفصل أو متصل كله للمعطى من حين القبول في الحياة لأنه تملكها من ذلك الحين بشرط أن تخرج من الثلث.
لأن العطية في مرض الموت المخوف حكمها حكم الوصية والوصية لا تخرج إلا من الثلث.
فهذه أربعة أشياء تختلف فيها العطية مرض الموت عن الوصية وهي فروق مهمة جداً ومؤثرة.