- بأن للأخوة في الدين من الحقوق التي تراعى ما ليس لغيرها من الصلات الأخرى. فصلة الأخوة في الدين قوية ولها واجبات من كل مسلم تجاه الآخر.
= والقول الآخر: أنه لا يجوز للإنسان أن يخطب على خطبة الغير سواء كان من المسلمين أو من غير المسلمين.
وأجابوا عن الحديث: بأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (على خطبة أخيه) خرج مخرج الغالب وليست صفة مقيدة.
واستدلوا على هذا:
- بأن النهي في هذه المسائل لحق العقد لا لحق العاقد فلا ننظر للعاقد ودينه.
- ثم إن عقد الذمة كفل للذميين حقوقاً كثيرة مالية وغير ماليه ومنها هذا الحق.
- وأيضاً الاعتداء على الغير ممنوع سواء كان هذا الغير من المسلمين أو من غيرهم.
وهذه المسألة محل إشكال وتردد والذي يظهر لي ويغلب على نظري أن الراجح مذهب الحنابلة وممن اختار هذا القول من المحققين الشيخ الفقيه الخطابي وأيضاً الشيخ ابن المنذر وغيرهم كلهم رأى رجحان هذا القول.
واستدلوا على هذا:
- بأن هذا القيد ليس قيداً أغلبياً وإنما قيداً مقصوداً لأن الأخوة في الدين معنىً خاص مقصود فإلغاؤه من الحديث واعتباره قيداً غالباً ليس بمتوجه ولا ظاهر بل الأقرب أنه مقصود.
- والأصل في الصفات المذكورة في الأحاديث أنها مقصودة.
- ثم اعتبار هذا اعتداءً هو باعتبار المعتدى عليه فإذا كان مسلم فخطبة الإنسان على خطبة أخيه نوع من الاعتداء لكن إذا لم يكن من المسلمين فإن الشارع لم يثبت له هذا الحق فلك أن تخطب على خطبته وولي المرأة له أن يختار بين الخاطبين حسب مصلحة موليته.
على كل حال يظهر لي إن شاء الله أن الراجح مذهب الحنابلة وإن كانت المسألة فيها نوع إشكال والخلاف فيها قوي.
* * المسألة الثانية/
ذكرت أنه لا يجوز للإنسان أن يخطب على خطبة أخيه وبقينا في مسألة أخرى وهي:
إذا خطب على خطبة أخيه فهو مخالف وآثم ولكن بقي النظر في العقد الذي تم على هذه الخطبة الممنوعة ليكون صحيحاً أو باطلاً.
في هذه المسألة أيضاً بين أهل العلم:
= فالجماهير من أهل العلم ذهبوا إلى أن العقد صحيح والخاطب على خطبة أخيه ظالم وآثم إلا أن العقد صحيح.
- لأن النهي لا ينصرف إلى ذات العقد وإنما إلى أمر خارج عن العقد وهي الخطبة السابقة للعقد.