وما ذكره الإمام الكبير أبو حنيفة ليس إلا أدلة عقلية لا قيمة لها مطلقاً في مقابل النصوص. نعم لو لم يكن في الباب نصوص لكان لأدلته نوع وجاهة لكن الأدلة العقلية مهما كانت قوية من حيث النظر إلا أنها لا قيمة لها متى كانت في مقابل النصوص لاسيما وأن هذه النصوص مؤيده بفتاوى من الصحابة وفتاوى من التابعين لاسيما وأن الواقع د على صحة ما دلت عليه هذه النصوص وأنه متى فتح الباب للمرأة أن تتزوج من تشاء وقعت من المفاسد ما الله به عليم. ولو لم يكن من المفاسد إلا مفسدة واحدة وهي: أنه متى مسكت امرأة مع رجل قالت: كنت زوجته نفسي. فحينئذ لا يمكن الاعتراض على هذا لأن المرأة عند الاحناف تلي تزويج نفسها وغيرها لو لم يكن من مفاسد هذا القول إلا هذه المفسدة لكان حرياً به أن يضعف ويرد.
لما ذكر المؤلف - رحمه الله - اشتراط الولي ذكر الشروط:
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
وشروطه: التكليف.
ـ الشرط الأول من شروط الولي أن يكون مكلفاً والمكلف هو العاقل البالغ.
أما العقل فهو شرط في الولي: بالإجماع. لأن المجنون لا نظر له وهو تحت ولاية غيره فكف يلي على غيره.
وأما البلوغ:
= فذهب إلى اعتباره واشتراطه الجماهير.
= وقيل أن ابن عشر سنوات يزوج أنه أدرك وصار يفهم.
= وقيل ابن اثني عشر سنة يزوج. لأنه شارف على البلوغ.
والصواب أنه لا يزوج إلا البالغ. لأن الولاية في أمر النكاح تحتاج إلى تمام كمال الحال والطفل ما لم يبلغ لم يستتم كمال النظر والبحث عن المصالح. أضف إلى هذا أن هذا الصبي قبل البلوغ تحت ولاية غيره لم يستحق ولا أن يكون منفرداً على نفسه فكيف يلي غيره.
فإذاً: إن شاء الله لا يزوج أحد من الأولياء إلا إذا بلغ.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
والذكورية.
يعني: ويشترط في الولي أن يكون ذكراً فإن زوجت المرأة أحداً نفسها أو آخر فإنه لا يصح.
وهذا الشرط مستفاد من الخلاف السابق. لأن الخلاف السابق نص على اشتراط الولي ونص على أن المرأة إذا أنكحت نفسها فنكاحها باطل - ثلاثاً قاله - صلى الله عليه وسلم - - مما يدل على أن الذكورية شرط في الولاية.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
والحرية.
يعني: ويشترط في الولي أن يكون حراً.