الجمهور استدلوا على اشتراط البلوغ بأن الإنسان قبل أن يبلغ تحت ولاية غيره ونحن قلنا أن الشهادة نوع من الولاية وإذا كان تحت ولاية غيره فكيف يتولى على غيره هذا تعليل الجمهور، في الحقيقة كلام الأئمة الأربعة وجيه لاسيما في مثل هذا العقد المهم الحساس، ينبغي أن لا يشهد عليه من لم يبلغ وإنما يكتفى بالشهادة على النكاح من قبل البالغين، لكن لما علمت هذه المسألة ليس فيها أدلة نص يعني من الكتاب أو السنة فإنه يتوجه أنه إذا تم العقد بشهادة اثنين لم يبلغا أنه لا نحكم بفساد العقد وإن رجحنا وجوب البلوغ وأن مذهب الأئمة الأربعة صحيح لكن إذا وقع الأمر حينئذ نقول العقد صحيح لأمرين:
الأول: لا يوجد دليل على اشتراط البلوغ صريح.
الثاني: أن أصل وجوب الشهادة ليس بقوي فإذا جمعت بين الأمرين لا تكاد تشك أنه إذا عقد الأمر النكاح وشهد عليه اثنان لم يبلغا وقاربا البلوغ فإنه يصحح العقد ومن خلال الخلاف السابق تعلم أنه لم يقل أحد من الفقهاء بتصحيح شهادة الصبي الصغير الذي لم يميز أو الذي ميز قريبا كأن يكون له سبع سنوات أو ثمان سنوات هذا لا أعلم أحد من أهل العلم صحح شهادة هذا الطفل إنما الخلاف في الرجل الذي قارب البلوغ وهو عاقل ويفهم هذا الخلاف فيه كما سمعت.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(سميعين)
يشترط في الشهود أن يكون لديهم حاسة السمع وهذا الشرط باتفاق الأئمة الأربعة ودليلهم ظاهر جداً لأن المشهود عليه هنا قول والقول إنما يسمع سماعاً إذا لم يكن يسمع فعلى ماذا يشهد ولهذا اتفق الأئمة الأربعة على هذا الحكم.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ناطقين)
ذهب الجمهور إلى أن الأخرس لا تصح شهادته ودليلهم أيضاً ظاهر وهو عدم تمكنه من أداء الشهادة عند الحاجة إليها. وإلى هذا ذهب الشافعية والأحناف والحنابلة وهم الجمهور.