القول الثاني: وذهب إليه نفر يسر لكن هؤلاء النفر من المتقدمين وهم سعيد بن المسيب، طاؤوس، وعطاء ونصرهم شيخ الإسلام ابن تيمية وأنا نبهتكم إلى أنه من المهم جداً أن تراعي هل الخلاف نازل أو عالي فإذا كان الخلاف عالي صار الخلاف قوياً جداً، لكن لما يكون الفقهاء من القرن الأول، والثاني، والثالث، والرابع، والخامس، والسادس، على قول ثم يأتي فقيه من السابع أو الثامن أو التاسع ويخالف فإن الخلاف يكون ضعيف، هنا الخلاف في مسألتنا عالي وهو من الفقهاء السبعة من التابعين، استدل أصحاب القول الثاني بِأدلة واضحة جداً.
الدليل الأول: أن النبي صلى الله عله وسلم لما غزا هوازن أذن للصحابة بوطء الإماء بعد الاستبراء وهن مشركات.
الدليل الثاني: عموم الآية {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} وملك اليمين في الآية لم يقيد كما قيد في النكاح بل أن عدم تقييده في الآية إشارة إلى أنه لا يقيد باعتبار أنه قيد في النكاح دون الوطء وملك اليمين.
الدليل الثالث: أن عامة السبايا اللاتي كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن من مشركي العرب وكان الصحابة يطأونهن رضي الله عنهم.
لعله من الظاهر لك جلياً أن القول الثاني قوي جداً لكن يشكل عليه الإجماع وهذا الإشكال أشكل حتى على ابن قدامة فابن قدامة رحمه الله يقول:(وأدلتهم ظاهرة وقوية ويشكل عليها مخالفة سائر أهل العلم) فلولا هذه المخالفة لكان القول بالجواز هو القول لكن مع هذه المخالفة الغريبة يعني من الجماهير الأئمة الأربعة عامة الفقهاء حتى أن الإمام أحمد لما أورد عليه إماء أو سبايا هوازن قال: (لعلهن أسلمن) أجاب عن الحديث بهذا الجواب، وفي الجواب هذا ضعف فالأصل عدم الإسلام.
على كل حال الراجح من الأدلة بشكل واضح القول الثاني، ولكن يشكل عليه الإجماع فقط، وهذه من وجهة نظري من المسائل الغريبة لأن الأدلة واضحة مع ذلك ذهب الفقهاء جميعاً إلا من ذكر ثلاثة أو أربعة إلى المنع، فالمسألة غريبة.